اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 142
الشريعة الإسلامية ديموقراطية
... الشرعية الإسلامية ديموقراطية 1:
زعم بعض العصريين أنها أريستوقرطية2 مستدلًا بأحكام الأرقاء, وهو غلط, فإنها ما جوزت استرقاق أسرى الحرب إلّا من باب مجازاة أمم ذلك الزمان بالكيل الذي تكيل به جريًا على عادتهم, بدليل أن الاسترقاق ليس بواجب, بل الإمام مخيَّر بين المنِّ أو الفداء أو الاسترقاق أو القتل, كي يجازي المحاربين بمثل ما يعملون أن يستحقون، والشارع متشوّف للحرية, مرغِّب فيها بأنواع الترغيب، بل ألزم من أعتق جزءًا يسيرًا من رقيق أن يعتق باقيه إن وجد مالًا، فالشرع يزيل الرقِّية بأدنى سبب، فمن زعم أن شريعة الإسلام أريستوقراطية لم يصب, بل هي ديموقراطية حقة، بمعنى أنها بنيت على مبدأ العدل والمساواة في الحقوق بين طبقات الناس، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [3]، وقال -عليه السلام: "كلكم من آدم وآدم من تراب" [4]، وقال -عليه السلام: "والله لو سرقت فاطمة ابنتي لقطعت يدها" كما في الصحيح[5]. وحاشاها -عليها السلام.
وقد حكم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على جبلة بن الأبهم وهو ملك غسان بالقصاص من لطمة لطمها رجلًا سوقيًّا حتى أدَّى ذلك لردته, فمع هذه النصوص التي لا تقبل التأويل كيف يقال: إنها أريسقراطية.
وهل يوجد في الدول الديمقراطية من يعامل أهل الذمة بمعاملة الشريعة الإسلامية التي توصي بأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وخففت عنهم التجنيد
1، 2" يأتي تعريفهما. [3] الحجرات:13. [4] عزاه في الجامع الصغير: "2/ 94" إلى البزار عن أبي حذيفة بلفظ: "كلكم بنو آدم وخلق الله آدم من تراب" ونحوه عند أبي داود من حديث أبي هريرة "4/ 331". وعند الترمذي من حديث ابن عمر "5/ 389". [5] متفق عليه: البخاري "8/ 199"، ومسلم "3/ 114".
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 142