اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 113
والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، فقال له علي بن أبي طالب: إن من شرب سكر، ومن سكر هذى، ومن هذى افترى، فأرى أن يحدَّ حد المفتري -يعني ثمانين التي هي أدنى الحدود, ووافقوه على ذلك.
فقال عمر لرسول خالد: بلغ صاحبك ما قالوا: فضرب خالد ثمانين, وكان عمر يجلد ثمانين إذا أتاه الرجل القوي المنتهك في الشراب، وإذا أتي بالرجل الذي منه الزلة الضعيف ضربه أربعين، لكن في زمن عثمان رجع عليّ عن فكره, فكان يقول: لو مات أحد بحد الخمر لوديته؛ لأنه لم يكن فيه سنة, وإنما هو شيء صنعناه -يعني الزيادة على الأربعين, ولذلك قال عند حد عثمان للوليد بن المغيرة والى الكوفة لما شهد عليه أهلها بالشرب: حدَّ رسول الله أربعين، وحدَّ أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين, وكلٌّ سنة. ثم حدَّه أربعين[1].
ويعمل عمر أخذ مالك وأبو حنيفة رغمًا عن كون الحنفي لا يقول بالقياس في الحدود، مستندين لقول علي: وكلٌّ سنة. ورأوا فعل عمر كانعقاد الإجماع فلا ينقضه ما بعده. [1] مسلم "ج6/ 126"، وأبو داود "ج4/ 163"، وابن ماجه "ج[2]/ 585". تدوين السنة:
تقدم أن أول تدوين للفقه هو تدوين القرآن؛ إذ كان -صلى الله عليه وسلم- يأمر بكتب كل ما ينزل عليه منه، فأما السنة فإن في صحيح مسلم أنه نهاهم عن كتبها وقال: "لا تكتبوا عني غير القرآن" [1]، لكن النهي ليس مطلقًا، فالتحقيق أنه نهاهم أن لا يكتبوها ويجعلوها في بيته مع القرآن لئلَّا تختلط به، وأما من أراد أن يكتب لنفسه وأمِنَ من الاختلاط فإنه لم يمعنه, كما يثبت ذلك في الصحيح أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتبها[2].
وروى أحمد أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم, هل يكتب كل ما يسمع منه -عليه السلام، [1] مسلم في الزهد "ج8/ 229". [2] البخاري في العلم "ج1/ 38"، والترمذي "ج5/ 40".
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 113