اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 106
القبر حين يسأل إلى غير ذلك.
المنزلة الثالثة: سنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب فتبينه بيانًا مبتدءًا كالحكم بالشاهد واليمين، وتحريم الرضاع وما يحرم من النسب، والرهن في الحضر، وميراث الجدة وغيره مما رفع البراءة الأصلية، وأمثال هذا كثير، وليس هذا من النَّسخ في شيء؛ لأنه إنما رفع البراءة الأصلية، ولا يجوز رد واحدة من هذه الثلاث، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة: "بتصرف وزيادة"[1].
قلت فيه: إن هناك منزلة رابعة: وهي السنة الناسخة للكتاب المتواترة على رأي الجمهور, أو الآحاد على القول بها كحديث: "لا وصية لوراث" [2]، وحديث: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" [3]، الناسخ لقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [4]، فإن الحاكم لو اقتصر على الجلد لوافق القرآن وخالف السنة، وهذا محل النزاع بين الحنفية وبقية المذاهب، وقد استدرك هذا القسم في أعلام الموقعين، وأطال فيه، فانظره عدد "382"من المجلد الثاني[5].
ثم قال في الطرق الحكمية: لو ساغ ردَّ سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما فهمه الرجل من ظاهر الكتاب لردت بذلك أكثر السنن وبطلت بالكلية, فما من أحد يحتج عليه بسنة صحيحة تخالف مذهبه ونحلته إلّا ويمكن أن يتشبث بعموم آية أو إطلاقها, ويقول: هذه السنة مخالفة لهذا العموم أو هذا الإطلاق فلا تقبل، وهؤلاء الروافض ردوا حديث: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" [6] بعموم آية: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [7]، وردت الجهمية [1] الطرق الحكمية ص72، ط. العلمية بالمدينة المنورة. [2] أبو داود "ج3/ 114"، والترمذي "ج4/ 433 "، وابن ماجة "ج2/ 905"، وغيرهم. [3] أخرجه مسلم "ج5/ 115"، وأبو داود "ج47/ 144"، والترمذي "ج4/ 41"، وابن ماجة "ج2/ 853". [4] النور: 2. [5] أعلام الموقعين "ج2/ 309". [6] متفق عليه: البخاري "ج8/ 185"، ومسلم "ج5/ 153"، بلفظ: $"لا نورث ما تركناه صدقة". [7] النساء: 13.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 106