responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفقيه والمتفقه المؤلف : الخطيب البغدادي    الجزء : 1  صفحة : 555
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ , قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ جَاءَ مَالِكًا فَقَالَ: إِنَّ الْأَهْوَاءَ كَثُرَتْ قِبَلَنَا , فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي , إِنْ أَنَا رَأَيْتُكَ , أَنْ آخُذَ بِمَا تَأْمُرُنِي , فَوَصَفَ لَهُ مَالِكٌ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ: الزَّكَاةَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجِّ , ثُمَّ قَالَ: §«خُذْ بِهَذَا , وَلَا تُخَاصِمْ أَحَدًا فِي شَيْءٍ»

أنا أَبُو الْحَسَنِ , عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ , نا أَبُو بَكْرٍ , يَزِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَلَّالُ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ , حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونَ , بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ , وَقَرَأَهَا عَلَيَّ: أَمَّا بَعْدُ: §«فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ , وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ , وَاتِّبَاعِ سَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ فِي دِينِهِمْ مِمَّا قَدْ كُفُوًا مَؤُونَتَهَ , وَجَرَتْ فِيهِمْ سُنَّتُهُ , ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ بِدْعَةٌ قَطُّ إِلَّا وَقَدْ مَضَى قَبْلَهَا دَلِيلٌ عَلَيْهَا , فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ , وَلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ , وَإِنَّمَا جُعِلَتِ السُّنَّةُ يُسْتَنُّ بِهَا , وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهَا , وَإِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافِهَا مِنَ الزَّلَلِ وَالْخِلَافِ وَالتَّعَمُّقِ , فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ , فَإِنَّهُمْ بِعِلْمٍ وَقَفُوا , وَبِبَصَرٍ مَا كُفُوًا , وَلَهُمْ عَلَى كَشْفِ الْأُمُورِ كَانُوا أَقْوَى , وَبِفَضْلٍ لَوْ كَانَ فِيهَا أَحْرَى , وَإِنَّهُمْ -[556]- لَهُمُ السَّابِقُونَ , فَإِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَحْدَثْتُمْ وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ وَلَئِنْ قُلْتُمْ حَدَثَ حَدَثَ بَعْدَهُمْ فَمَا أُحَدِّثُهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ , وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ , وَلَقَدْ وَضَعُوا مَا يَكْفِي , وَتَكَلَّمُوا بِمَا يَشْفِي , فَمَا دُونَهُمْ مُقَصِّرٌ , وَلَا فَوْقَهُمْ مُحْسِنٌ , وَإِنَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ , لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ , فَارْجِعُوا إِلَى مَعَالِمِ الْهُدَى , وَقُولُوا كَمَا قَالُوا , وَلَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا جَمَعُوا وَلَا تَجْمَعُوا بَيْنَ مَا فَرَّقُوا , فَإِنَّهُمْ جُعِلُوا لَكُمْ أَئِمَّةً وَقَادَةً , هُمْ حَمَلُوا إِلَيْكُمْ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ , فَهُمْ عَلَى مَا حَمَلُوا إِلَيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ أُمَنَاءُ وَعَلَيْكُمْ فِيهِ شُهَدَاءُ , وَاحْذَرُوا الْجَدَلَ , فَإِنَّهُ يُقَرِّبُكُمْ إِلَى كُلِّ مُوبِقَةٍ , وَلَا يْسُلِمُكُمْ إِلَى ثِقَةٍ» فَنَظَرْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِذَا فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجِدَالِ وَالْحِجَاجِ , فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] , فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْجِدَالِ , وَعَلَّمَهُ فِيهَا جَمِيعَ آدَابِهِ مِنَ الرِّفْقِ وَالْبَيَانِ وَالْتِزَامِ الْحَقِّ وَالرُّجُوعِ إِلَى مَا أَوْجَبَتْهُ الْحُجَّةُ , وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] , وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِهِ} [البقرة: 258] الْآيَةَ , وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: 123] , وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَعَارَضُ وَلَا يَخْتَلِفُ , فَتَضَمَّنَ الْكِتَابُ: ذَمَّ الْجِدَالِ , وَالْأَمْرَ بِهِ , فَعَلِمْنَا عِلْمًا يَقِينًا أَنَّ الَّذِيَ ذِمَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ , وَأَنَّ مِنَ الْجِدَالِ مَا هُوَ مَحْمُودٌ مَأْمُورٌ بِهِ , وَمِنْهُ مَذْمُومٌ مَنْهِيُّ عَنْهُ , فَطَلَبْنَا الْبَيَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} -[557]-[غافر: 5] , وَقَالَ: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 35] , فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْجِدَالَ الْمَذْمُومَ , وَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ: الْجِدَالُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ , وَالْجِدَالُ فِي الْبَاطِلُ فَالْجِدَالُ الْمَذْمُومُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْجِدَالُ بِغَيْرِ عِلْمٍ الثَّانِي: الْجِدَالُ بِالشَّغَبِ وَالتَّمْوِيهِ , نُصْرَةً لِلْبَاطِلِ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ وَبَيَانِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذَتْهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: 5] وَأَمَّا جِدَالُ الْمُحِقِّينَ , فَمِنَ النَّصِيحَةِ فِي الدِّينِ , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالُوا: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: 32] وَجَوَابُهُ لَهُمْ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] , وَعَلَى هَذَا جَرَتْ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ

اسم الکتاب : الفقيه والمتفقه المؤلف : الخطيب البغدادي    الجزء : 1  صفحة : 555
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست