responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 94
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ نَفْسَهَا لَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِذَلِكَ لَمَا اخْتَلَفَ حُكْمُهَا فِي إيجَابِهَا لِذَلِكَ وَلَمَا وَرَدَتْ إلَّا مُوَجَّهَةً.
فَإِنَّا نَقُولُ لَهُ إنَّ الصِّيغَةَ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ (فِي) الْأَصْلِ فَمَتَى صَدَرَتْ وَالْمُرَادُ النَّدْبُ أَوْ الْإِبَاحَةُ فَهِيَ مَجَازٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ لَا حَقِيقَةٌ كَمَا تَقُولُ فِي سَائِرِ أَلْفَاظِ الْمَجَازِ، وَلَيْسَ وُرُودُ الصِّيغَةِ (عَارِيَّةً مِنْ) حُكْمِ الْإِيجَابِ لِقِيَامِ الدَّلَالَةِ بِمَانِعٍ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا وَبَابُهَا الْوُجُوبَ، كَمَا أَنَّ صِيغَةَ الْعُمُومِ تَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَلَا يَمْتَنِعُ وُرُودُهُ مَعَ إرَادَةِ الْخُصُوصِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اعْتِبَارَ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ عِنْدَ تَعَرِّيه مِنْ دَلَالَةِ الْخُصُوصِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ (مَنْ) قَالَ إنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ النَّدْبُ فَقَدْ أَعْطَى بِأَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ مِنْهُ إيقَاعُ الْفِعْلِ، وَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِإِرَادَةِ إيقَاعِ الْفِعْلِ وَجَبَ فِعْلُهُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ (وَ) احْتَجْنَا فِي جَوَازِ تَرْكِهِ (إلَى) الدَّلَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ. وَأَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ مُقْتَضِيًا لِلْإِيجَابِ لَكَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ مُخَيَّرًا بَعْدَ وُرُودِ الْأَمْرِ (بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ) وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى التَّخْيِيرِ، فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُ التَّخْيِيرِ إلَّا بِلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ أَوْ بِدَلَالَةِ غَيْرِ الْأَمْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَثْبُتْ التَّخْيِيرُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ وَكَانَ تَرْكُهُ مُبَاحًا فَبَقَّيْنَاهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ. قِيلَ لَهُ: إنَّمَا كَانَ التَّرْكُ مُبَاحًا قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ فَأَمَّا بَعْدَ وُرُودِهِ وَإِرَادَةِ الْآمِرِ إيقَاعَهُ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَةِ تَرْكِهِ وَقَدْ أَعْطَيْنَا أَنَّ الْآمِرَ قَدْ أَرَادَ مِنْهُ إيقَاعَ الْفِعْلِ؟ . فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إرَادَةِ الْفِعْلِ كَرَاهَةٌ لِتَرْكِهِ إذْ لَيْسَ يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْحُسْنِ.

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست