responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 68
تَنَاوَلَ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ، لَكَانَ مُرَتَّبًا عَلَى مَا قَرَّرَ فِي الْعُقُولِ وَأَنْزَلَ بِهِ الْكُتُبَ فِي أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ فِي الْآخِرَةِ فَلَمْ يَرِدْ اللَّفْظُ مُقْتَرِنًا بِدَلَالَةِ التَّخْصِيصِ فَأَيُّ بَيَانٍ تَأَخَّرَ. وقَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] تَأْكِيدٌ لِمَا قَدْ ثَبَتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَتَقْرِيرٌ لَهُ (كَمَا) ذُكِرَ (فِي صِحَّةِ) التَّوْحِيدِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ (تَعَالَى) فِي الْكِتَابِ بَعْدَ تَقْدِيمِ الدَّلَائِلِ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ.
فَإِنْ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ قَوْله تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] فَأَخَّرَ بَيَانَ الصَّلَاةِ عَلَى حَالِ الْأَمْرِ بِذِكْرِ الزَّكَاةِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْبَيَانُ هَذَا الْقَدْرَ جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ أَوْقَاتًا كَثِيرَةً. قِيلَ لَهُ: لَا يَخْلُو قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43] مِنْ أَنْ يَكُونَ تَنَاوَلَ صَلَاةً مَعْهُودَةً قَدْ عَرَفُوهَا فَلَمْ تَكُنْ مُفْتَقِرَةً إلَى الْبَيَانِ فَقَوْلُك أَخَّرَ بَيَانَهَا سَاقِطٌ أَوْ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا عِنْدَ هُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ وَنَحْنُ نُجَوِّزُ تَأْخِيرَ بَيَانِ الْمُجْمَلِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ حُكْمَ الْكَلَامِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ تَأَخُّرُهُ وَحُصُولُ الْفَرَاغِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَصَلَهُ بِاسْتِثْنَاءٍ أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْعُمُومِ وَمُرَادُهُ الْخُصُوصُ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يُؤَخِّرَ بَيَانَهُ بِمِقْدَارِ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلَامِ، لِأَنَّ السَّامِعَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَقِدَ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: جَمِيعُ مَا أَلْزَمْته الْقَائِلِينَ بِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ الْوُقُوفَ فِيهِ إلَى وُرُودِ الْبَيَانِ يَنْفِي وُجُوبَ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ وَتَرْكَ الْوَقْفِ وَالْقَوْلَ بِاعْتِقَادِ عُمُومِهِ (وَ) يُؤَدِّي إلَى تَجْوِيزِ اعْتِقَادِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُك مِثْلُهُ فِي دَلَائِلِ التَّخْصِيصِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، لِأَنَّك لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَعْتَقِدَ الْعُمُومَ بِنَفْسِ وُرُودِهِ أَوْ تَقِفَ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبِينَ حُكْمُ

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست