responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 38
وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَيَتْرُكُ النَّكِيرَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ (ذَلِكَ) بَيَانًا مِنْهُ فِي جَوَازِ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ وُجُوبُهُ إنْ كَانَ شَاهَدَهُ يَفْعَلُهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَذَلِكَ نَحْوُ عَلِمْنَا بِأَنَّ عُقُودَ الشِّرْكِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْقُرُوضِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ قَدْ كَانَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِحَضْرَتِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاسْتِفَاضَتِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْهَا عَلَى فَاعِلِيهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ إيَّاهُمْ عَلَى إبَاحَتِهِ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْ حَيِّزِ الْمَحْظُورِ لَأَنْكَرَهُ وَأَبْطَلَهُ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرَى أَحَدًا عَلَى مُنْكَرٍ مِنْ الْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ فَيُقَارُّهُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرُهُ، إذْ كَانَ إنْكَارُهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ النَّاسِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَظُّ الْأَوْفَرُ مِنْهُ، إذْ كُلُّ مَنْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ مِنْ أُمَّتِهِ فَإِنَّمَا فَعَلَهُ اقْتِدَاءً بِهِ وَبِأَمْرِهِ، فَإِذَا عَلِمْنَا إقْرَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمًا عَلَى أُمُورٍ عَلِمَهَا مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْهُ عَلَيْهِمْ فِيهَا كَانَ أَقَلُّ أَحْوَالِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ أَنْ تَكُونَ (جَارِيَةً) عَلَى الْوَجْهِ (الَّذِي) أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبَيَانَ قَدْ يَقَعُ (مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِإِقْرَارِ مَنْ شَاهَدَهُ عَلَى فِعْلٍ وَتَرْكِهِ النَّكِيرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي (شَاهَدَهُ) يَفْعَلُهُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي إقْرَارِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ شَاهَدَهُ عَلَى فِعْلٍ وَتَرْكِهِ النَّكِيرَ دَلَالَةٌ عَلَى إبَاحَتِهِ وَجَوَازِهِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ النَّكِيرُ عَلَيْهِ اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَ مِنْ النَّهْيِ عَنْهُ. مِنْ جِهَةِ النَّصِّ أَوْ الدَّلَالَةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى الْكُفْرِ وَعَلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَهُ وَرِضَاهُ بِهِ.
قِيلَ لَهُ: أَيُّ نَكِيرٍ أَشَدُّ مِنْ قِتَالِهِ إيَّاهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست