responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 356
السَّمْعِ مَا يَمْنَعُ (مِنْ) ذَلِكَ، وَنُدِلُّ الْآنَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ (لَا يَجِدُ) نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ إيَّانَا عَلَى تَجْوِيزِهِ
فَنَقُولُ: إنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ ذَكَرُوا أَحْكَامًا فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهَا إلَّا بِالسُّنَّةِ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ} [النساء: 15] إلَى قَوْله تَعَالَى: {تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] . فَاتَّفَقَ السَّلَفُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ حَدَّ الزَّانِيَيْنِ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ كَانَ الْحَبْسَ وَالْأَذَى الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عَنْهُمَا بِالْجَلْدِ لِغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَالرَّجْمِ لِلْمُحْصَنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمُوجِبُ (لِنَسْخِ) ذَلِكَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْجَلْدُ، وَالرَّجْمُ» . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ وَالْأَذَى نُسِخَا بِالْخَبَرِ قَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (فِي هَذَا الْحَدِيثِ) «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» فَنَبَّهَنَا عَلَى وُجُودِ السَّبِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] ، وَدَلَّ بِقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي» عَلَى مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْإِخْبَارُ بِالنَّسْخِ فِي الْحَالِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا النَّسْخَ وَاقِعٌ لَا بِقُرْآنٍ بَلْ بِسُنَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: «خُذُوا عَنِّي» قَدْ أَفَادَ وُقُوعَ النَّسْخِ بِسُنَّتِهِ لَا بِالْقُرْآنِ.

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست