responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 346
كَذَلِكَ بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ النَّسْخُ (وَاجِبٌ أَنْ) يَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ تُبَيِّنُ الْقُرْآنَ اسْتَحَالَ أَنْ تَنْسَخَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ الشَّيْءُ بِمَا يُبَيِّنُهُ.
قِيلَ (لَهُ) : إنَّ هَذِهِ دَعْوَى لَيْسَ عَلَيْهَا دَلَالَةٌ وَهُوَ مَوْضُوعُ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَكَأَنَّك إنَّمَا جَعَلْت مَوْضِعَ الْخِلَافِ دَلَالَةً عَلَى الْمَسْأَلَةِ.
وَعَلَى أَنَّ النَّسْخَ ضَرْبٌ مِنْ الْبَيَانِ فَلَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ بِالسُّنَّةِ، كَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ يُبَيِّنُ الْقُرْآنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْك الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ نَسْخُهُ بِهِ.
وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] {صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 53] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] .
فَلَمَّا كَانَ النَّاسِخُ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ صِرَاطَ اللَّهِ، وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ وُقُوعُهُ بِالسُّنَّةِ لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَهْدِي إلَى صِرَاطِ اللَّهِ، وَلِأَنَّ السُّنَّةَ لَمَّا كَانَتْ وَاجِبًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، جَازَ أَنْ يُنْسَخَ بِهَا وَحْيٌ وَهُوَ قُرْآنٌ كَمَا جَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ هُمَا، وَحْيٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ نَسْخَ الْقُرْآنِ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ.
(أَحَدُهُمَا) : نَسْخُ التِّلَاوَةِ.
(وَالثَّانِي) : نَسْخُ الْحُكْمِ.
وَقَدْ جَازَ عِنْدَ الْجَمِيعِ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا بِقُرْآنٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ، لِأَنَّ نَسْخَ التِّلَاوَةِ يَكُونُ بِالْإِنْسَاءِ تَارَةً وَبِالْأَمْرِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ كَتْبِهَا وَحِفْظِهَا أُخْرَى، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ مِنْ ذَلِكَ يَجُوزُ وُقُوعُهُ بِغَيْرِ قُرْآنٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ نَسْخَ التِّلَاوَةِ وُجِدَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ مَعَنَا قُرْآنٌ مَوْجُودٌ نُسِخَتْ بِهِ، فَلَمَّا جَازَ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا بِقُرْآنٍ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ نَسْخُ الْحُكْمِ، لِأَنَّهُ أَحَدُ وَجْهَيْ نَسْخِ الْقُرْآنِ،

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست