responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 336
تَعَلُّقٌ بِمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا نَسَخَ آيَةً أَتَى بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تُنْسَخُ بِهَا، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] (أَنَّهُ) لَا يَمْنَعُ أَنْ يُبَدِّلَ آيَةً مَكَانَ سُنَّةٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ حِكَايَةَ قَوْلِ الْكُفَّارِ عِنْدَ نَسْخِ آيَةٍ بِآيَةٍ مِثْلِهَا وَلَمْ يَنْفِ نَسْخَ السُّنَّةِ بِآيَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ: وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَنْسَخُهَا إلَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ وَلَوْ أَحْدَثَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فِي أَمْرٍ سُنَّ مِنْهُ غَيْرُ مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسَنَّ فِيمَا أَحْدَثَ اللَّهُ إلَيْهِ حَتَّى يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّ لَهُ سُنَّةً نَاسِخَةً لِلَّتِي قَبْلَهَا مِمَّا يُخَالِفُهَا وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي السُّنَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ، وَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَنْسَخُ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَأَوْجَبْنَا ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَا وَصَفْت مِنْ فَرْضِ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قُبِلَتْ عَنْ اللَّهِ، فَمَنْ قَبِلَهَا فَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى يَتْبَعُهَا، وَلَا نَجِدُ خَبَرًا أَلْزَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقَهُ نَصًّا مُبَيِّنًا إلَّا كِتَابَهُ ثُمَّ سُنَّةَ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
فَإِذَا كَانَتْ السُّنَّةُ كَمَا وَصَفْت لَا شِبْهَ لَهَا مِنْ قَوْلِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْسَخَهَا إلَّا مِثْلُهَا وَلَا مِثْلَ لَهَا غَيْرُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْفَصْلُ مِنْ كَلَامِهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ضُرُوبٍ مِنْ الِاخْتِلَالِ مِنْهَا قَوْلُهُ: إنَّ السُّنَّةَ لَا يَنْسَخُهَا إلَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنَعَ بِذَلِكَ نَسْخَ السُّنَّةِ إلَّا بِسُنَّةٍ مِثْلِهَا، ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي سِيَاقِ كَلَامِهِ، وَلَوْ أَحْدَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ فِي أَمْرٍ سُنَّ فِيهِ غَيْرُ مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ، لَيْسَ فِيمَا أَحْدَثَ اللَّهُ إلَيْهِ حَتَّى يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّ لَهُ سُنَّةً نَاسِخَةً، فَأَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ سُنَّةَ نَبِيِّهِ بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا يَنْقُضُ قَوْلَهُ بَدْءًا أَنَّ السُّنَّةَ لَا يَنْسَخُهَا إلَّا سُنَّةٌ.

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست