responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 109
وَقَدْ خَاطَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُتَعَارَفِ مِنْ مُخَاطَبَاتِنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] . وَأَيْضًا: فَلَوْ احْتَمَلَ الْفَوْرَ وَالْمُهْلَةَ جَمِيعًا لَكَانَ الْأَخْذُ بِالثِّقَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْحَزْمِ فِي الْمُبَادَرَةِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي دَلَالَةِ وُجُوبِ الْأَمْرِ، مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اخْتِرَامَ الْمَنِيَّةِ إيَّاهُ فَيَحْصُلُ مُفْرِطًا فِي التَّأْخِيرِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ اعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] وقَوْله تَعَالَى {إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] ، وَقَوْلُهُ {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا مُبْتَدَأً عَلَى لُزُومِ التَّعْجِيلِ لِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَدَلِيلٌ آخَرُ: لَا يَخْلُو (الْقَوْلُ) فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ إذَا لَمْ يَكُنْ آخِرِ وَقْتِهِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى مَا قُلْنَا، أَوْ عَلَى الْمُهْلَةِ عَلَى مَا قَالَ مُخَالِفُنَا. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُهْلَةِ لَمْ يَخْلُ الْمَأْمُورُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْخِيرُهُ أَبَدًا حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ التَّفْرِيطُ وَلَا يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ، أَوْ يَكُونُ مُفَرِّطًا مُسْتَحِقًّا لِلَّوْمِ إذَا مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ.
فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَكُونُ مُفَرِّطًا بِتَرْكِهِ فِي حَيَاتِهِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ حَيِّزِ الْوُجُوبِ وَصَارَ فِي حَيِّزِ النَّوَافِلِ، لِأَنَّ مَا كَانَ الْمَأْمُورُ مُخَيَّرًا بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَهُوَ نَافِلَةٌ أَوْ مُبَاحٌ، وَلَمَّا ثَبَتَ وُجُوبُ

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست