responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 76
فِي الْمُفْرَدِ فَالْإِنْسَانُ مَثَلًا مَوْضُوعٌ لِلْحَيَوَانِ النَّاطِقِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الذِّهْنِ أَوْ فِي الْخَارِجِ وَالْوُجُودُ عَيْنًا أَوْ ذِهْنًا خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِهِ زَائِدٌ عَلَى الْمَاهِيَّةِ كَمَا أَنَّ كَوْنَهُ وَاحِدًا أَوْ كَثِيرًا زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْحَجَرِ وَالطَّائِرِ وَالْإِنْسَانِ عَلَى الْجِسْمِ الْوَاحِدِ الْمَرْئِيِّ مِنْ بَعِيدٍ ثُمَّ قَرِيبٍ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الذِّهْنِ أَوْ فِي الْخَارِجِ قَالَ، وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ الْخَبَرِيُّ فَإِنَّمَا يُفِيدُ حُكْمَ الْمُتَكَلِّمِ بِأَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إيجَابِيَّةٌ أَوْ سَلْبِيَّةٌ وَاقِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ، وَأَمَّا الْإِنْشَائِيَّةُ فَمَوْضُوعُهُ لِإِنْشَاءِ مَدْلُولِهَا، وَإِثْبَاتِهِ وَلَيْسَ لَهَا خَارِجٌ حَتَّى يُفِيدُ إظْهَارَهُ، وَأَمَّا سَائِرُ الْمُرَكَّبَاتِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُفْرَدَاتِ (وَنَحْنُ) نَقُولُ اللَّفْظُ مَوْضُوعٌ (فِي الْأَشْخَاصِ لَلْخَارِجِيِّ) أَيْ فِي الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ لِلْمَعْنَى الْخَارِجِيِّ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْمُتَشَخِّصُ فِي الْخَارِجِ كَمَا يَبْعُدُ أَنْ يَذْهَبَ أَحَدٌ إلَى خِلَافِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَوُجُوبُ اسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ لِلْوَضْعِ لَا يَنْفِيهِ) جَوَابٌ عَنْ دَخْلٍ مُقَدَّرٍ هُوَ أَنَّ الْوَضْعَ لِلشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْضَارِ صُورَتِهِ فِي الذِّهْنِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَضْعِ فَحِينَئِذٍ مَا وَضَعَ اللَّفْظَ لَهُ هُوَ الصُّورَةُ الذِّهْنِيَّةُ لَا الْعَيْنِيَّةُ. وَتَوْضِيحُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِحْضَارَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْخَارِجِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَ الْوَضْعِ لَهُ وَكَيْفَ يُنَافِيهِ، وَهُوَ طَرِيقٌ إلَيْهِ (وَنَفَيْنَاهُ) أَيْ وَنَفْينَا نَحْنُ فِي أَوَائِلِ بَحْثِ الْمُطْلَقِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْوَضْعَ (لِلْمَاهِيَّاتِ الْكُلِّيَّةِ سِوَى عِلْمِ الْجِنْسِ عَلَى رَأْيٍ) ، وَهُوَ رَأْيُ الْفَارِقِينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ فِي الْمَعْنَى بِأَنَّ عِلْمَ الْجِنْسِ كَأُسَامَةَ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ، وَاسْمَ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ مَوْضُوعٌ لِلْفَرْدِ الشَّائِعِ فِي أَفْرَادِهِ وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مُوهِمٌ بِأَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ عِلْمَ الْجِنْسِ لَمْ يُوضَعْ لِلْحَقِيقَةِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ عِلْمَ الْجِنْسِ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اسْمِ الْجِنْسِ كَمَا سَنُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْمُطْلَقِ، وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي حَذْفُ عَلَى رَأْيٍ أَوْ زِيَادَةُ اسْمِ الْجِنْسِ قَبْلَهُ (بَلْ) نَقُولُ: اللَّفْظُ فِي غَيْرِ الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْجِنْسِيَّةِ مَوْضُوعٌ (لِفَرْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِيمَا أَفْرَادُهُ خَارِجِيَّةٌ أَوْ ذِهْنِيَّةٌ) هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا كَانَ وَاضِعُهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمُسَمَّاهُ مُدْرَكٌ فِي الذِّهْنِ مُحَقَّقٌ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ لِمُسَمَّاهُ الْخَارِجِيِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ} [البقرة: 31] الْآيَةَ. فَإِنَّ الْعَرْضَ فِي هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لِمَا لَهُ وُجُودٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مُسَمَّيَاتِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، وَعَلَّمَهَا آدَمَ هِيَ الْمَعْرُوضَاتِ، وَمَا الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَهُ لِمَعْنًى مُدْرَكٍ فِي الذِّهْنِ غَيْرِ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ لِذَلِكَ فِي الذِّهْنِ، وَمَا كَانَ وَاضِعُهُ غَيْرَهُ تَعَالَى فَمِنْهُ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلشَّخْصِ الْخَارِجِيِّ كَالْعَلَمِ الشَّخْصِيِّ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ الذِّهْنِيَّةِ كَالْعَلَمِ الْجِنْسِيِّ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِفَرْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَيْ شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ، وَهُوَ اسْمُ الْجِنْسِ النَّكِرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[الْمَقَامُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ طُرُقِ مَعْرِفَةِ اللُّغَاتِ]
ِ أَعْنِي مَعْرِفَةَ كَوْنِ اللَّفْظِ الْفُلَانِيِّ مَوْضُوعًا لِلْمَعْنَى الْفُلَانِيِّ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهَا) تَنْحَصِرُ فِي أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا (التَّوَاتُرُ كَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ) لِمَعَانِيهَا الْمَعْرُوفَةِ (وَأَكْثَرُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ) لِمَعَانِيهَا (مِنْهُ) أَيْ مِمَّا ثَبَتَ لَهَا بِالتَّوَاتُرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا أَكْثَرُ أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَالتَّشْكِيكُ فِيهِ) أَيْ هَذَا النَّوْعِ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَلْفَاظِ دَوَرَانًا عَلَى الْأَلْسُنِ لَفْظُ اللَّهِ، وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ أَسُرْيَانِيٌّ هُوَ أَمْ عَرَبِيٌّ، وَعَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ أَمَوْضُوعٌ هُوَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ اشْتِقَاقٍ أَوْ مُشْتَقٌّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَلِلذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَوْ لِبَعْضِ الْمَعَانِي أَوْ لِلْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ أَوْ الْجُزْئِيِّ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ هُوَ مِنْ أَلَهَ أَوْ مِنْ وَلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَبِأَنَّ الرُّوَاةَ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِ الْبُلَغَاءِ، وَالْغَلَطُ عَلَيْهِمْ جَائِزٌ وَبِأَنَّهُمْ مَعْدُودُونَ كَالْخَلِيلِ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست