responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 336
حُرْمَةُ آبَاءِ الْوَاطِئِ وَأَبْنَائِهِ مِنْ الْوَلَدِ إلَى الْمَوْطُوءَةِ، وَحُرْمَةُ أُمَّهَاتِ الْمَوْطُوءَةِ وَبَنَاتِهَا مِنْهُ أَيْضًا إلَى الْوَاطِئِ لِصَيْرُورَةِ كُلٍّ مِنْ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ بَعْضًا مِنْ الْآخَرِ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا وَمُضَافٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَثُبُوتُ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ عِنْدَهُ) أَيْ الزِّنَا (بِأَمْرٍ آخَرَ) لَا بِالزِّنَا.
وَهَذَا التَّقَصِّي مِنْ هَذَا الْإِيرَادِ كَالتَّقَصِّي مِنْ الْإِيرَادِ الْقَائِلِ: الْغَصْبُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]- قَبِيحٌ لِجِهَةٍ فِيهِ لَمْ يَرْجُحْ عَلَيْهَا غَيْرُهَا - وَهِيَ التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ - وَقَدْ جَعَلْتُمُوهُ مَشْرُوعًا بَعْدَ النَّهْيِ حَيْثُ جَعَلْتُمُوهُ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ إذَا تَغَيَّرَ اسْمُهُ وَكَانَ مِمَّا يُمْلَكُ، وَالْمِلْكُ نِعْمَةٌ، بِأَنْ يُقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ مَقْصُودًا كَمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بَلْ يَثْبُتُ بِأَمْرٍ آخَرَ: وَهُوَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ حُكْمًا لِلضَّمَانِ الْمُتَقَرِّرِ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَهَذَا مَعْزُوٌّ إلَى بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَثُبُوتِ مِلْكِ الْغَاصِبِ عِنْدَ زَوَالِ الِاسْمِ وَتَقَرُّرِ الضَّمَانِ فِيمَا بِحَيْثُ يُمْلَكُ) وَفِي الْمَبْسُوطِ وَلَكِنَّ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَنَا يَثْبُتُ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَلِهَذَا نَفَذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَسَلِمَ الْكَسْبُ لَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْمُخْتَارُ: الْغَصْبُ عِنْدَ الْفَوَاتِ سَبَبُ الضَّمَانِ مَقْصُودًا جَبْرًا) لِلْفَائِتِ رِعَايَةً لِلْعَدْلِ (فَاسْتَدْعَى) كَوْنُهُ سَبَبَ الضَّمَانِ (تَقَدُّمَ الْمِلْكِ فَكَانَ) الْغَصْبُ (سَبَبًا لَهُ) أَيْ الْمِلْكِ (غَيْرَ مَقْصُودٍ بَلْ بِوَاسِطَةِ سَبَبِيَّتِهِ) أَيْ الْغَصْبِ (لِمُسْتَدْعِيهِ) أَيْ الْمِلْكِ وَهُوَ الضَّمَانُ (وَهَذَا قَوْلُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (فِي الْفِقْهِ: هُوَ) أَيْ الْغَصْبُ (بِعَرَضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ سَبَبًا) لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ (لَا يُقَالُ لَا أَثَرَ لِلْعِلَّةِ الْبَعِيدَةِ) فِي الْحُكْمِ (فَيَصْدُقُ نَفْيُ سَبَبِيَّتِهِ) أَيْ الْغَصْبِ (لِلْمِلْكِ) لِأَنَّهُ السَّبَبُ الْبَعِيدُ لَهُ وَحِينَئِذٍ (فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ) أَيْ كَوْنُ السَّبَبِ لَهُ أَمْرًا آخَرَ، هُوَ الضَّمَانُ لَا نَفْسُ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ الْحَقُّ الْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى هَذَا (لِأَنَّ) نَفْيَ السَّبَبِيَّةِ لِلْمِلْكِ (الصَّادِقَ) عَلَى الْغَصْبِ هُوَ نَفْيُ السَّبَبِيَّةِ (الْمُطْلَقُ) أَيْ لِلْمِلْكِ الْمُطْلَقِ (وَسَبَبِيَّتُهُ) أَيْ الْغَصْبِ لِلْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ (بِقَيْدِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمِلْكِ (غَيْرَ مَقْصُودٍ مِنْهُ) أَيْ الْغَصْبِ بَلْ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ.
(وَلَوْلَاهُ) أَيْ مِلْكُ الْغَاصِبِ لِلْمَغْصُوبِ (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لَمْ يَنْفُذْ (بَيْعُ الْغَاصِبِ) لَهُ قَبْلَ الضَّمَانِ لِانْتِفَاءِ مَا عَدَا الْمِلْكَ مِنْ شُرُوطِ النُّفُوذِ وَحَيْثُ انْتَفَى الْمِلْكُ أَيْضًا فَقَدْ انْتَفَى شَرْطُ النُّفُوذِ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ نَافِذٌ، فَالْمِلْكُ ثَابِتٌ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ بِعَدَمِ نُفُوذِ عِتْقِهِ، قِيلَ: لَا، لِأَنَّ الْمُسْتَنَدَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيَكُونُ نَاقِصًا، وَالنَّاقِصُ يَكْفِي لِنُفُوذِ الْبَيْعِ لَا الْعِتْقِ كَالْمُكَاتَبِ يَبِيعُ وَلَا يُعْتِقُ (وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُ الْكَسْبُ السَّابِقُ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِ السَّلَامَةِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ يَسْلَمُ لَهُ، فَالْمِلْكُ ثَابِتٌ لَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ مِلْكُهُ الْمَغْصُوبَ بِالْغَصْبِ بِعَدَمِ مِلْكِهِ زَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ كَالْوَلَدِ، أُجِيبَ: لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَعَدَمُ مِلْكِ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ لِأَنَّهُ) أَيْ مِلْكَ الْمَغْصُوبِ (ضَرُورِيٌّ) أَيْ يَثْبُتُ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ وُجُوبُ الضَّمَانِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى خُرُوجِ الْمَغْصُوبِ عَنْ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِمَا فَاتَ إذْ لَا جَبْرَ بِدُونِ الْفَوَاتِ، وَمَا يَثْبُتُ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ فَزَوَالُ مِلْكِ الْأَصْلِ مُقْتَضًى، وَمِلْكُ الْبَدَلِ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ، ثَمَّ حَيْثُ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ ضَرُورِيًّا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيمَا لَيْسَ تَبَعًا لِلْمَغْصُوبِ (وَالْمُنْفَصِلُ) مِنْ الزِّيَادَةِ كَالْوَلَدِ (لَيْسَ تَبَعًا) لَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ (بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ) كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ (وَالْكَسْبِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَبَعٌ مَحْضٌ لَهُ، أَمَّا الْمُتَّصِلَةُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَلِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْحُكْمُ يَثْبُتُ فِي التَّبَعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ سَوَاءٌ ثَبَتَ فِي

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست