responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 322
بِمَعْلُومَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ، فَكَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا وَيُجْهَلَ الْآخَرُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَحَقَّقَ الِاقْتِضَاءُ النَّفْسِيُّ لِفِعْلٍ دُونَ اقْتِضَائِهِ لِتَرْكِ ضِدِّهِ، وَالْقَاضِي آخِرًا: لَا، إلَّا أَنَّهُ يُثَنِّي الْمُتَعَلِّقَ وَالْمُتَعَلَّقَ بِهِ جَمِيعًا فَيَرَى أَنَّ الْأَمْرَ النَّفْسِيَّ يُقَارِنُهُ نَهْيٌ نَفْسِيٌّ أَيْضًا فَيَكُونُ وُجُودُ الْقَوْلِ النَّفْسِيِّ - الَّذِي هُوَ اقْتِضَاءُ الْقِيَامِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِ قُمْ - مُتَضَمِّنًا وُجُودَ قَوْلٍ آخَرَ فِي النَّفْسِ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَا تَقْعُدْ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِ قُمْ مُتَضَمِّنًا لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَمُقَارِنَهُ حَتَّى لَا يُوجَدَ مُنْفَرِدًا عَنْهُ وَيَجْرِي مَجْرَى الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهُمَا.
وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا لَا أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُمْ يُوَحِّدُونَ الْمُتَعَلِّقَ وَالْمُتَعَلَّقَ بِهِ هَذَا، وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ أَيْضًا إلَى أَنَّ غَيْرِيَّةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ إنَّمَا هِيَ فِي غَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَالَ طَلَبُ الْقِيَامِ هَلْ هُوَ بِعَيْنِهِ طَلَبُ تَرْكِ الْقُعُودِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنَّ كَلَامَهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ، فَلَا تَتَطَرَّقُ الْغَيْرِيَّةُ إلَيْهِ فَلْيُفْرَضْ فِي الْمَخْلُوقِ وَهُوَ أَنَّ طَلَبَهُ لِلْحَرَكَةِ هَلْ هُوَ بِعَيْنِهِ كَرَاهَةُ السُّكُونِ وَطَلَبٌ لِتَرْكِهِ، اهـ.
وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، وَكَلَامُنَا فِي الْغَيْرِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ قَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَيْضًا أَنَّ النِّزَاعَ فِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ أَوْ لَا إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ طَلَبَ الْكَفِّ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ النَّهْيُ هَلْ هُوَ عَيْنُ طَلَبِ فِعْلِ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ أَمْ لَا، فَقِيلَ نَعَمْ اتَّحَدَ الضِّدُّ أَمْ تَعَدَّدَ وَقِيلَ بَلْ أَمْرٌ بِالْمُتَّحِدِ، وَإِلَّا فَبِوَاحِدٍ غَيْرِ عَيْنٍ وَقِيلَ لَا وَلَكِنْ يَتَضَمَّنُهُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يُرْشِدُ إلَيْهِ (وَقَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ مَعَهُ) الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي كَوْنَ ضِدِّهِ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (لَا يَسْتَلْزِمُ اللَّفْظِيَّ) أَيْ كَوْنَ الْمُرَادِ بِالْأَمْرِ الْأَمْرَ اللَّفْظِيَّ وَبِالنَّهْيِ النَّهْيَ اللَّفْظِيَّ (بَلْ هُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (كَالتَّضَمُّنِ فِي قَوْلِ الْقَاضِي آخِرًا) فَإِنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ اخْتَارَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَمَّا كَانَ ثَابِتًا فِي الْآخَرِ ضَرُورَةً لَا مَقْصُودًا، وَكَانَ الثَّابِتُ بِغَيْرِهِ ضَرُورَةً لَا يُسَاوِي بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ثَابِتٌ بِقَدْرِ مَا تَرْتَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، وَالثَّانِيَ ثَابِتٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ سَمَّاهُ اقْتِضَاءً، ثُمَّ قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاقْتِضَاءِ هُنَا الْمُصْطَلَحَ - وَهُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ إذْ لَا تَوَقُّفَ لِصِحَّةِ الْمَنْطُوقِ عَلَيْهِ - بَلْ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، فَسُمِّيَ بِهِ لِشَبَهِهِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ ضَرُورَةً، وَمِنْ ثَمَّةَ كَانَ مُوجَبُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ هُنَا بِقَدْرِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ وَالتَّرْغِيبُ كَمَا يُجْعَلُ الْمُقْتَضَى مَذْكُورًا بِقَدْرِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ وَهُوَ صِحَّةُ الْكَلَامِ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي مِنْ الْمُرَادِ بِالتَّضَمُّنِ لَكِنَّ هَذَا لَا يُعَيِّنُ كَوْنَ الْمُرَادِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي كَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ النَّفْسِيَّ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّفْظِيَّ هُوَ الْمُرَادُ لَهُ كَمَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَهُ إلَى هَذَا الْبَابِ (وَمُرَادُهُ) أَيْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (غَيْرُ أَمْرِ الْفَوْرِ لِتَنْصِيصِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الضِّدِّ الْمُفَوِّتِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَقَالَ: وَفَائِدَةُ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالْأَمْرِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلَّا مِنْ حَيْثُ يُفَوِّتُ الْأَمْرَ فَإِذَا لَمْ يُفَوِّتْهُ كَانَ مَكْرُوهًا كَالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ لَيْسَ بِنَهْيٍ عَنْ الْقُعُودِ قَصْدًا حَتَّى إذَا قَعَدَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ بِنَفْسِ الْقُعُودِ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ، اهـ.
وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَمْرَ الْفَوْرِ إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرَّازِيّ أَوْ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ ابْتِدَاءً كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ أَوْ بِسَبَبِ ضِيقِ الْوَقْتِ كَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يَتَأَتَّ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الضِّدِّ لِأَنَّهُ مَا مِنْ ضِدٍّ إلَّا، وَالِاشْتِغَالُ بِهِ مُفَوِّتٌ لِلْمَأْمُورِ بِهِ حِينَئِذٍ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست