responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 266
فَاعِلُهُ غَدًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُقَالُ افْعَلْ كَذَا فَيَقُولُ الْمُخَاطَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ أَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.
(وَكَوْنُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَرَبِيًّا) فَصِيحًا وَقَدْ قَالَ بِهِ فَيُتْبَعُ (مُعَارَضٌ بِعَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ) الْمَقْطُوعِ بِعَرَبِيَّتِهِمْ وَفَصَاحَتِهِمْ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ، وَإِلَّا لَنُقِلَ عَنْهُمْ كَمَا عَنْهُ ثُمَّ يَتَرَجَّحُ جَانِبُهُمْ بِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مُرَادُهُ) أَيْ ابْنِ عَبَّاسِ بِجَوَازِ الِانْفِصَالِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ (الْمَأْمُورُ بِهِ) ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: 23 - 24] بِأَنْ يَقُولَ أَوَّلًا أَفْعَلُ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ حِينٍ أَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى لَا تَقُولَنَّ ذَلِكَ إلَّا مُتَلَبِّسًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَائِلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَكُونُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَأْمُورًا بِهِ عِنْدَ قَوْلِ إنِّي فَاعِلٌ أَوْ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] إذَا فُسِّرَ بِاذْكُرْ مَشِيئَةَ رَبِّك بِأَنْ قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ إذَا فَرَطَ مِنْك نِسْيَانٌ لِذَلِكَ وَالْمَعْنَى إذَا نَسِيت كَلِمَةَ الِاسْتِثْنَاءِ وَتَنَبَّهْت عَلَيْهَا فَتَدَارَكْهَا بِالذِّكْرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا ظَاهِرُ مَا سَلَفَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَأَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ أَنْ يَقُولَ فِي كَلَامِهِ أَوْ حَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِيَكُونَ آتِيًا بِسُنَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى وَلَوْ بَعْدَ الْحِنْثِ لَا أَنَّهُ يَكُونُ رَافِعًا لِحِنْثِ الْيَمِينِ وَمُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ. (وَقِيلَ لَمْ يَقُلْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] قَالَ: إذَا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ فَاسْتَثْنِ إذَا ذَكَرْت قَالَ هِيَ خَاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ لِأَحَدِنَا الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا فِي صِلَةٍ مِنْ يَمِينِهِ. نَعَمْ فِي سَنَدِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ وَأَمَّا كَوْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُدَلِّسًا، وَهُوَ فِيهِ وَقَدْ عَنْعَنَ فَلَا ضَيْرَ عَلَى أُصُولِ مَشَايِخِنَا لِكَوْنِهِ ثِقَةً أَخْرَجَ لَهُ الْأَئِمَّةُ وَيَتَأَكَّدُ رُجْحَانُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ فِي ذَاكَ لِمَا فِي ذَاكَ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَمَا يَلْزَمُهُ الْبَاطِلُ الَّذِي يُجَلُّ عَنْهُ مَكَانَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سَعَةِ الْعِلْمِ وَسَلَامَةِ الْفَهْمِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَحِكَايَةُ الْمَنْصُورِ تُبْعِدُهُمَا) أَيْ كَوْنَ مُرَادِ ابْنِ عَبَّاسٍ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَأْمُورَ بِهِ، وَكَوْنَهُ لَمْ يَقُلْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَحَدِهِمَا مَا كَانَ الْمَنْصُورُ مُعَاتِبًا لِلْإِمَامِ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ وَلَا الْإِمَامُ مُجِيبًا لَهُ بِمَا أَجَابَهُ فَإِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ ثَبَتَتْ الْحِكَايَةُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ ثُمَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمْ يَعْلَمْ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِظَاهِرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ هَذَا الَّذِي فِي أَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ آخِرًا، وَأَنَّ الْإِمَامَ بَادَرَ بِدَفْعِهِ تَنَزُّلًا لِظُهُورِ أَنَّهُ أَدْفَعُ لِاعْتِرَاضِهِ وَأَقْطَعُ لِشَغَبِهِ وَصَوْلَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ وُصُولِ هَذَا إلَيْهِ أَيْضًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (وَاعْلَمْ أَنَّ الْتِزَامَ الْجَوَابِ عَنْ فَصْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) إنْ شَاءَ اللَّهُ عَمَّا أَلْحَقَهُ بِهِ (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى) أَيْ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خِلَافُهُ فَهُوَ) حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءٌ (مِنْ الْأَحْوَالِ) حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ أَفْعَلُ كَذَا فِي كُلِّ حَالٍ لَهُ إلَّا فِي حَالِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لِعَدَمِ فِعْلِهِ (أَوْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ (لَا فَرْقَ) بَيْنَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الِاتِّصَالِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ (فَلَيْسَ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (مِنْ مَفْهُومِ مَحَلِّ النِّزَاعِ) أَيْ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ الْفَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَظَنِّي أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَذْهَبْ إلَى سِوَاهُمَا وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَا أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» .

[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ]
(مَسْأَلَةٌ:) الِاسْتِثْنَاءُ (الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ يَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ، وَتَرْكِيبُ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُوضَعْ إلَّا لِلتَّكَلُّمِ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست