responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 253
لَيْسَ مِنْهُمْ بَلْ مِنْ تَوَابِعِهِمْ بِحَيْثُ يُسْتَحْضَرُ بِذِكْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ (وَمِنْهُ) أَيْ الْمُنْقَطِعِ قَوْلُ الشَّاعِرِ
وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ ... (إلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ
؛ لِأَنَّهُ حَصَرَ الْأَنِيسَ) فِيهِمَا فَاسْتَحْضَرَهُمَا بِذِكْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُؤَانِسُ وَيُلَازِمُ الْمَكَانَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِنْسَانِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ خَلَّفَتَا أَهْلَ الْبَلْدَةِ فِيهَا فَكَانَتَا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِهَا وَمِنْ ثَمَّةَ فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ، وَالْيَعَافِيرُ جَمْعُ يَعْفُورٍ قِيلَ الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ وَقِيلَ تَيْسٌ مِنْ تُيُوسِ الظِّبَاءِ، وَالْعِيسُ جَمْعُ عَيْسَاءَ إبِلٌ بِيضٌ فِي بَيَاضِهَا ظُلْمَةٌ خَفِيَّةٌ وَقِيلَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنْ الشُّقْرَةِ، وَقِيلَ الْجَرَادُ قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ الشَّاعِرِ؛ لِأَنَّ خُلُوَّ الْبَلْدَةِ مِنْ الْأَنِيسِ وَكَوْنَهَا مَأْوَى الْيَعَافِيرِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْوَحْشِيَّاتِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
(بِخِلَافِ إلَّا الْأَكْلَ) أَيْ لَا يُقَالُ جَاءُوا إلَّا الْأَكْلَ (أَوْ) كَوْنُ الْمُسْتَثْنَى (يَشْمَلُهُ حُكْمُهُ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (كَصَوَّتَتْ الْخَيْلُ إلَّا الْحَمِيرَ) أَوْ الْبَعِيرَ؛ لِأَنَّ التَّصْوِيتَ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا (بِخِلَافِ صَهَلَتْ) الْخَيْلُ إلَّا الْحَمِيرَ أَوْ الْبَعِيرَ فَإِنَّ الصَّهِيلَ لَا يَشْمَلُهَا فَلَا يَجُوزُ (أَوْ) كَوْنُ الْمُسْتَثْنَى (ذُكِرَ) قَبْلَهُ (حُكْمٌ يُضَادُّهُ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى (كَمَا نَفَعَ إلَّا مَا ضَرَّ) وَمَا زَادَ إلَّا مَا نَقَصَ، قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ مَا الْأُولَى نَافِيَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَصْدَرِيَّةٌ وَفَاعِلُ زَادَ وَنَفَعَ مُضْمَرٌ، وَمَفْعُولُهُمَا مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ مَا زَادَ فُلَانٌ شَيْئًا إلَّا نُقْصَانًا وَمَا نَفَعَ فُلَانٌ إلَّا مَضَرَّةً فَالْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ النُّقْصَانُ وَالْمَضَرَّةُ حُكْمٌ مُخَالِفٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَالنَّفْعُ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي، وَالْمَعْنَى لَكِنَّ النُّقْصَانَ فِعْلٌ أَوْ لَكِنَّ النُّقْصَانَ أَمْرُهُ وَشَأْنُهُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ السِّيرَافِيُّ وَلَيْسَ مَا زَادَ شَيْئًا غَيْرُ النُّقْصَانِ لِيَكُونَ مُتَّصِلًا مُفَرَّغًا.
وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (أَمَّا مَا زَادَ إلَّا مَا نَقَصَ فَيَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ النُّقْصَانَ (زِيَادَةُ حَالٍ بَعْدَ التَّمَامِ) ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ السَّرَّاجِ، وَإِنَّمَا حَسُنَ هَذَا الْكَلَامُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ مَا زَادَ دَلَّ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ عَلَى حَالِهِ إلَّا مَا نَقَصَ. اهـ. ثُمَّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا نَفَعَ إلَّا مَا ضَرَّ لَا يَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ بِنَحْوِ هَذَا التَّقْدِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا سِيَّانِ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِيهِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ دَلَّ قَوْلُهُ مَا نَفَعَ عَلَى هُوَ عَلَى حَالِهِ إلَّا مَا ضَرَّ،.
وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: إذَا قُلْت مَا زَادَ فَكَأَنَّك قُلْت مَا عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ ثُمَّ اسْتَثْنَيْت مِنْ الْعَارِضِ النَّقْصَ، وَإِذَا قُلْت مَا نَفَعَ فَكَأَنَّك قُلْت مَا أَفَادَ شَيْئًا إلَّا ضَرًّا ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ شَرْطِ الْمُنْقَطِعِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ الْمُسْتَثْنَى الْمُنْقَطِعُ الْمُسْتَعْمَلُ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّا يُسْتَحْضَرُ بِوَجْهٍ مَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ ذِكْرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77] ؛ لِأَنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِهِ لِقَوْلِهِمْ {إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الشعراء: 97] {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 98] وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْعِبَادَةِ مُذَكِّرٌ بِالْإِلَهِ الْحَقِّ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَكُونُ الْمُنْقَطِعُ غَيْرَ بَعْضٍ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَضْعًا فَلَهُ حَظٌّ مِنْ الْبَعْضِيَّةِ مَجَازًا وَلِذَلِكَ قُبِلَ لَهُ مُسْتَثْنًى فَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَمَثَّلَ لِكُلٍّ بِبَعْضِ الْمُثُلِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَالْمُلَخَّصُ أَنَّ شَرْطَهُ تَقْدِيرُ دُخُولِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِوَجْهٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ كَابْنِ السَّرَّاجِ وَآخَرُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَسَمُوهُ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الِاتِّصَالُ مَجَازًا فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّصْبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعَرَبِ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ عِنْدَ تَمِيمٍ، وَإِلَى مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الِاتِّصَالُ أَصْلًا فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّصْبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعَرَبِ.

(وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْرَاجِ إفَادَةُ عَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْحُكْمِ اشْتَهَرَ) لَفْظُ الْإِخْرَاجِ (فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَعْنَى (اصْطِلَاحًا)

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست