responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 165
آنِفًا مِنْ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ إلَّا لِلْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ فَتَعْلِيقُهُ بِالْعَيْنِ تَجَوُّزٌ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مَثَلًا أَنْ تَكُونَ حُرْمَةُ الْخَمْرِ أَقْوَى مِنْ حُرْمَةِ مَالِ الْغَيْرِ لَكِنْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَنَحْوَهَا يَجِبُ تَنَاوُلُهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِنْ أُضِيفَ الْحُرْمَةُ إلَى عَيْنِهَا، وَمَالُ الْغَيْرِ لَا يَجِبُ تَنَاوُلُهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بَلْ الصَّبْرُ أَوْلَى وَإِنْ مَاتَ نَعَمْ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَدِيعِ هَذَا التَّقْرِيرُ إظْهَارُ فَائِدَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ النِّسْبَةُ إلَى الْفِعْلِ إلَى الْمَجَازِ الَّذِي هُوَ النِّسْبَةُ إلَى الْعَيْنِ وَهِيَ قَصْدُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِانْتِهَاءِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَزْدَوِيُّ مَعَ تَوْجِيهٍ مِنْ عِنْدِهِ مُصَحِّحٍ لَهُ إنْ تَمَّ، وَإِلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْبَدِيعِ فَقَالَ: (وَادِّعَاءُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ (الْحَقِيقَةَ) فِيمَا كَانَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ (لِقَصْدِ إخْرَاجِ الْمَحَلِّ عَنْ الْمَحَلِّيَّةِ تَصْحِيحُهُ بِادِّعَاءِ تَعَارُفِ تَرْكِيبِ مَنْعِ الْعَيْنِ لِإِخْرَاجِهَا عَنْ مَحَلِّيَّةِ الْفِعْلِ الْمُتَبَادِرِ لَا مُطْلَقًا) فَإِنَّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] لَا يُفِيدُ إخْرَاجَهَا عَنْ مَحَلِّيَّةِ كُلِّ فِعْلٍ لِلِابْنِ مِنْ تَقْبِيلِ رَأْسِهَا إكْرَامًا وَنَظَرِهِ إلَيْهَا رَحْمَةً وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَفِيهِ) أَيْ وَفِي هَذَا الِادِّعَاءِ (زِيَادَةُ بَيَانِ سَبَبِ الْعُدُولِ عَنْ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ إلَى التَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ) كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَدِيعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ سَلَّمَ الْعُرْفُ أَوْ اللُّغَةُ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْإِشْكَالُ اهـ قُلْت: وَقَدْ نَصَّ الْفَاضِلُ الْكَرْمَانِيُّ عَلَى تَسْلِيمِ كَوْنِهِ مَجَازًا فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةً فِي الْعُرْفِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْحَرَامِ لِعَيْنِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

(الثَّانِيَةُ لَا إجْمَالَ فِي {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِهِ) أَيْ هَذَا التَّرْكِيبِ (عُرْفٌ يُصَحِّحُ إرَادَةَ الْبَعْضِ كَمَالِكٍ أَفَادَ) هَذَا التَّرْكِيبُ (مَسْحَ مُسَمَّاهُ) أَيْ الرَّأْسَ (وَهُوَ) أَيْ مُسَمَّى الرَّأْسِ (الْكُلُّ أَوْ كَانَ) فِيهِ عُرْفٌ يُصَحِّحُ إرَادَةَ الْبَعْضِ مِنْهُ (أَفَادَ) هَذَا التَّرْكِيبُ (بَعْضًا مُطْلَقًا وَيَحْصُلُ) الْبَعْضُ الْمُطْلَقُ (فِي ضِمْنِ الِاسْتِيعَابِ) أَيْ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الِاسْتِيعَابِ وَهُوَ مَسْحُ بَعْضٍ مِنْهُ أَيِّ بَعْضٍ كَانَ لِصِدْقِ الْبَعْضِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ (فَلَا إجْمَالَ) لِظُهُورِهِ فِي بَعْضٍ مُطْلَقٍ (ثُمَّ ادَّعَى مَالِكٌ عَدَمَهُ) أَيْ الْعُرْفِ الْمُصَحِّحِ إرَادَةَ الْبَعْضِ (فَلَزِمَ الِاسْتِيعَابُ) لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ بِالْمُقْتَضَى السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كِلَيْهِمَا مَمْنُوعٌ ثُمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَادًّا لَهُ إلَّا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ» لَكَفَى (وَالشَّافِعِيَّةُ ثُبُوتُهُ) أَيْ الْعُرْفِ الْمُصَحِّحِ إرَادَةَ الْبَعْضِ (فِي نَحْوِ مَسَحْت يَدِي بِالْمِنْدِيلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ بِبَعْضِهِ فَلَزِمَ التَّبْعِيضُ.
(أُجِيبَ) عَنْ هَذَا (بِأَنَّهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ فِي مِثْلِهِ هُوَ (الْعُرْفُ فِيمَا هُوَ آلَةٌ لِذَلِكَ) أَيْ فِيمَا كَانَ مَدْخُولُ الْبَاءِ آلَةَ الْفِعْلِ كَالْيَدِ فِي هَذَا وَمَدْخُولُهَا فِي الْآيَةِ الْمَحَلُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ فِي هَذَا (لَيْسَ لِلْعُرْفِ) الْمَذْكُورِ (بَلْ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَسْحَ فِيهِ (لِلْحَاجَةِ وَهِيَ) أَيْ الْحَاجَةُ (مُنْدَفِعَةٌ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْمِنْدِيلِ عَادَةً (فَتُعْلَمُ إرَادَتُهُ) أَيْ الْبَعْضِ عُرْفًا بِهَذَا السَّبَبِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا كَانَ مُفِيدًا لِلتَّبْعِيضِ فِي مِثْلِهِ لِهَذَا الْعِلْمِ فَلَا يَتِمُّ نَفْيُ كَوْنِهِ لِلْعُرْفِ نَعَمْ إسْنَادُهُ إلَيْهِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ الْقَرِيبَةِ مَعَ الْبَعِيدَةِ (قَالُوا) أَيْ الشَّافِعِيَّةُ (الْبَاءُ لِلتَّبْعِيضِ) وَقَدْ دَخَلْت عَلَى الرَّأْسِ فَتَقَيَّدَ كَوْنُ الْمَفْرُوضِ مَسْحَ بَعْضِهِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَعَلَيْهِ مُعْظَمُهُمْ (أُجِيبَ بِإِنْكَارِهِ) أَيْ التَّبْعِيضِ (كَابْنِ جِنِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ مُعَرَّبُ كُنِّي بَيْنَ الْكَافِ وَالْجِيمِ.
(وَاعْلَمْ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ) النَّحْوِيِّينَ كَالْفَارِسِيِّ وَالْقُتَبِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ
(ادَّعَوْهُ فِي نَحْوِ شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ) ... مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجٌ
أَيْ شَرِبَ السُّحُبُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ مِنْ لُجَجٍ خُضْرٍ، وَالْحَالُ أَنَّ لَهُنَّ تَصْوِيتًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (وَابْنُ جِنِّي يَقُولُ فِي سِرِّ الصِّنَاعَةِ: لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُنَا) وَرُدَّ بِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَعْلُومَةٍ نَحْوُ الْعَرَبُ لَمْ تَنْصِبْ الْفَاعِلَ وَظَنِّيَّةٍ عَنْ اسْتِقْرَاءٍ صَحِيحٍ نَحْوُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اسْمٌ مُتَمَكِّنٌ آخِرُهُ وَاوٌ لَازِمَةٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ وَشَائِعَةٍ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست