responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 160
مِنْ نَحْوِ الْيَدِ (وَالْعَيْنِ) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] (وَالْأَفْعَالِ كَالنُّزُولِ) الْوَارِدِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى الثُّلُثُ الْأَخِيرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا دَلَّ السَّمْعِيُّ الْقَاطِعُ عَلَى ثُبُوتِهِ لِلَّهِ - تَعَالَى - مَعَ الْقَطْعِ بِامْتِنَاعِ مَعْنَاهُ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ - سُبْحَانَهُ - بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ تَفْوِيضِ عِلْمِهِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَالسُّكُوتِ عَنْ التَّأْوِيلِ مَعَ الْجَزْمِ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّنْزِيهِ وَاعْتِقَادِ عَدَمِ إرَادَةِ الظَّوَاهِرِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحُدُوثِ وَالتَّشْبِيهِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْأَسْلَمُ (وَكَالْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ) ك الم وَص وَحم وَإِطْلَاقُ الْحُرُوفِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ مَجَازٍ كَأَنَّهُ لِقَصْدِ رِعَايَةِ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ مَدْلُولَاتِهَا حُرُوفٌ ائْتِسَاءً بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُمْ أَوْ أُرِيدَ بِهَا الْكَلِمَاتُ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
ثُمَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ - تَعَالَى - اسْتَأْثَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِعِلْمِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ أَصْحَابُنَا وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَوَكِيعٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهَا أَسْرَارٌ بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَرُمُوزٌ لَمْ يَقْصِدْ اللَّهُ بِهَا إفْهَامَ غَيْرِهِ؛ إذْ يَبْعُدُ الْخِطَابُ بِمَا لَا يُفِيدُ اهـ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اسْتِئْثَارَ اللَّهِ - تَعَالَى - بِعِلْمِهَا يَدْفَعُ كَوْنَهَا أَسْرَارًا بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ عَدَمُ عِلْمِ الْخَلْقِ بِمَعْنَاهَا لَا يُوجِبُ أَنْ لَا تُفِيدَ شَيْئًا وَأَنْ لَا يَكُونَ لِذِكْرِهَا مَعْنًى أَصْلًا؛ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَتُهُ طَلَبَ الْإِيمَانِ بِهَا وَأَنْ يَكُونَ التَّحَدِّي وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْإِعْجَازِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ هَذَا أَشَدَّهَا خَفَاءً كَانَ مُقَابِلُهُ الْمُحْكَمَ ثُمَّ قِيلَ نَظِيرُ الْخَفِيِّ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ مَنْ اخْتَفَى مِنْ طَالِبِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ زِيِّهِ وَلَا اخْتِلَاطِهِ بَيْنَ أَشْكَالِهِ فَيَعْثُرُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّأَمُّلِ، وَنَظِيرُ الْمُشْكِلِ مَنْ اغْتَرَبَ عَنْ وَطَنِهِ وَدَخَلَ بَيْنَ أَشْكَالِهِ فَيَطْلُبُ مَوْضِعَهُ ثُمَّ يَتَأَمَّلُ فِي أَشْكَالِهِ لِيَقِفَ عَلَيْهِ.
وَنَظِيرُ الْمُجْمَلِ مَنْ اغْتَرَبَ عَنْ وَطَنِهِ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنَالُ بِالطَّلَبِ وَالتَّأَمُّلِ بِدُونِ الْخَبَرِ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَنَظِيرُ الْمُشَابِهِ الْمَفْقُودُ الَّذِي لَا طَرِيقَ لِدَرْكِهِ أَصْلًا (وَظَهَرَ) مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ (أَنَّ الْأَسْمَاءَ الثَّلَاثَةَ) الْمُشْكِلَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُتَشَابِهَ لَمَّا سُمِّيَتْ بِهِ دَائِرَةٌ (مَعَ الِاسْتِعْمَالِ لَا) مُجَرَّدِ (الْوَضْعِ كَالْمُشْتَرَكِ) أَيْ كَمَا أَنَّ اسْمَ الْمُشْتَرَكِ يَدُورُ مَعَ مُجَرَّدِ وَضْعِهِ لِمَعْنَيَيْنِ فَصَاعِدًا عَلَى الْبَدَلِ (وَالْخَفِيِّ) أَيْ وَاسْمِ الْخَفِيِّ (مَعَ عُرُوضِ التَّسْمِيَةِ وَالشَّافِعِيُّ مَا خَفِيَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِ الصِّيغَةِ أَوْ بِعَارِضٍ عَلَيْهَا (مُجْمَلٌ، وَالْإِجْمَالُ فِي مُفْرَدٍ لِلِاشْتِرَاكِ) كَالْعَيْنِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ مَعَانِيهِ (أَوْ الْإِعْلَالِ) كَمُخْتَارٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِإِعْلَالِهِ بِقَلْبِ يَائِهِ الْمَكْسُورَةِ أَوْ الْمَفْتُوحَةِ أَلِفًا (أَوْ جُمْلَةِ الْمُرَكَّبِ) نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لِتَرَدُّدِ جُمْلَةِ الْمُرَكَّبِ الَّتِي هِيَ الْمَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ بَيْنَ الزَّوْجِ كَمَا حَمَلَهُ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ عَلَيْهِ.
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَلِيُّ الْعُقْدَةِ الزَّوْجُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مَالِكٌ (وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ) مِنْهُ إذَا تَقَدَّمَهُ أَمْرَانِ أَنْ يَصْلُحَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ قِيلَ: كَحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ لِتَرَدُّدِ ضَمِيرِ جِدَارِهِ بَيْنَ عَوْدِهِ إلَى: " أَحَدُكُمْ " كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَجِدُ الْوَاضِعُ بُدًّا مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ لَهُ أَرْبَعَةُ حِيطَانٍ لَهُ مِنْهَا وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لِغَيْرِهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ وَبَيْنَ عَوْدِهِ إلَى الْجَارِ نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إنْ امْتَنَعَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ قُلْت: وَالْحَقُّ أَنَّ ظَاهِرَ السِّيَاقِ يُعَيِّنُ رُجُوعَهُ إلَى " أَحَدُ " ثُمَّ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مُخَصِّصٍ بِمَا قَيَّدَهُ بِهِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ مُطْلَقًا، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ بِهِ أَلْيَقُ فَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ.
وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَيُّهُمَا أَفْضَلُ مَنْ بِنْتُهُ فِي بَيْتِهِ (وَتَقْيِيدُ الْوَصْفِ وَإِطْلَاقُهُ فِي نَحْوِ) زَيْدٌ (طَبِيبٌ مَاهِرٌ) لِتَرَدُّدِ مَاهِرٌ بَيْنَ رُجُوعِهِ إلَى: " طَبِيبٌ " فَيَتَقَيَّدُ الْوَصْفُ بِالْمَهَارَةِ بِكَوْنِهَا فِي الطِّبِّ خَاصَّةً وَبَيْنَ رُجُوعِهِ إلَى زَيْدٍ فَيَكُونُ مَوْصُوفًا بِالْمَهَارَةِ مُطْلَقًا لَا أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِصِفَةٍ أُخْرَى كَمَا ذَكَرَ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست