responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 114
بِقَوْلِهِ (لَا بِتَدَارُكِ مَا فُرِّطَ بِالثَّوَابِ) أَيْ تَلَافِي مَا فُرِّطَ مِنْ التَّثْبِيتِ فِي الرَّمْيِ وَالتَّحَفُّظِ عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ الْيَمِينِ أَوْ بِعَدَمِ ارْتِكَابِ مَا يَلْزَمُ الْحِنْثُ بِسَبَبِهِ بِجَبْرِهِ بِمَا فِي فِعْلِهِ ثَوَابٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَخْلُو عَنْهُ.
وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْمَعْنَى الْعِبَادَةُ فِيهَا أَغْلَبُ أَمْ الْعُقُوبَةُ حَتَّى لَا يَكُونَ وُجُوبُهَا فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَالْغَمُوسِ مُسَاوِيًا لِوُجُوبِهَا فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ وَالْمُنْعَقِدَةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى لِجَوَازِ أَنْ لَا يَقْبَلَا التَّدَارُكَ وَالتَّلَافِيَ بِهَذَا الْقَدْرِ لِعَظْمِهِمَا وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى فَلَا جَرَمَ (جَازَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا) أَيْ فِي دَلَالَةِ النَّصِّ الَّتِي هِيَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ (وَالْخَطَأِ) فِيهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ ظَنِّيَّةً (كَمَا ذَكَرْنَا) الْآنَ فِي مَنَاطِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ إذْ لَا بِدَعَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَظْنُونَاتِ وَخَطَأِ بَعْضِهَا وَلَا سِيَّمَا الْمُتَعَارِضَةِ مِنْهَا (وَلِذَا) أَيْ وَلِجَوَازِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَظْنُونِ مِنْهَا (فَرَّعَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وُجُوبَ الْحَدِّ بِاللِّوَاطَةِ عَلَى دَلَالَةِ نَصِّ وُجُوبِهِ بِالزِّنَا بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِالزِّنَا (بِسَفْحِ الْمَاءِ) أَيْ إرَاقَةِ الْمَنِيِّ (فِي مَحَلٍّ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى) أَيْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ أَصْلًا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ وَتَمِيلُ إلَيْهِ لِلِّينِ وَالْحَرَارَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطَةِ مَعَ أَنَّهَا أَبْلَغُ فِي تَضْيِيعِ الْمَاءِ لِانْتِفَاءِ تَوَهُّمِ الْحَبَلِ فِيهَا بِخِلَافِ الزِّنَا.
(وَالْحُرْمَةُ قَوِيَّةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَيْضًا أَنَّ حُرْمَتَهَا أَقْوَى مِنْ حُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مُؤَبَّدَةٌ لَا تَنْكَشِفُ بِحَالٍ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الزِّنَا فَإِنَّهَا قَدْ تَنْكَشِفُ فِي بَعْضِ الْمَحَالِّ بِالْعَقْدِ أَوْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَيَلْحَقُ وُجُوبُ الْحَدِّ بِهَا بِوُجُوبِهِ بِالزِّنَا دَلَالَةً، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (وَالْإِمَامُ) أَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُ وُجُوبَ حَدِّهِ فِيهَا لِانْتِفَاءِ وُجُوبِهِ فِيهَا دَلَالَةً فَإِنَّهُ (يَقُولُ السَّفْحُ) فِي الزِّنَا (أَشَدُّ ضَرَرًا) مِنْ السَّفْحِ فِيهَا (إذْ هُوَ) أَيْ السَّفْحُ فِيهِ (إهْلَاكُ نَفْسٍ مَعْنًى) وَمِنْ ثَمَّةَ قَرَنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] لِأَنَّ إلْقَاءَ الْبَذْرِ فِي مَحَلٍّ صَالِحٍ مُفْضٍ إلَى النَّبَاتِ ظَاهِرًا، وَالْوَلَدُ مِنْ جِنْسِ النَّبَاتِ فَيَنْبُتُ وَإِذَا نَبَتَ وَلَيْسَ لَهُ مُرَبٍّ وَلَا قَيِّمٌ لِكَوْنِ النِّسَاءِ عَاجِزَاتٍ عَنْ الِاكْتِسَابِ وَالْإِنْفَاقِ غَالِبًا يَهْلِكُ وَيَضِيعُ فَيُفْضِي الزِّنَا إلَى الْإِتْلَافِ بِالْآخِرَةِ (وَهُوَ) أَيْ وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ بِنَاءً (عَلَى اعْتِبَارِهِ) أَيْ إهْلَاكِ نَفْسٍ مَعْنًى (الْمُنَاطَ) فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الزِّنَا (لَا مُجَرَّدَهُ) أَيْ لَا مُجَرَّدَ سَفْحِ الْمَاءِ الْمُنَاطِ فِيهِ لِحِلِّ سَفْحِ الْمَاءِ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بِالْعَزْلِ كَمَا أَفَادَتْهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ فَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا فِي هَذَا الْحُكْمِ.
وَالْأَوَّلُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي اللِّوَاطَةِ فَلَمْ يُسَاوِ تَضْيِيعُ الْمَاءِ فِيهَا تَضْيِيعَهُ فِي الزِّنَا فِي الْمُنَاسَبَةِ لِهَذَا الْحُكْمِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَبْلَغَ مِنْهُ (وَالشَّهْوَةُ أَكْمَلُ) فِي الزِّنَا مِنْهَا أَيْضًا (لِأَنَّهَا) أَيْ الشَّهْوَةَ فِيهِ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا لِمَيَلَانِ طَبْعِهِمَا إلَيْهِ بِخِلَافِ اللِّوَاطَةِ فَإِنَّ الشَّهْوَةَ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْفَاعِلِ فَقَطْ؛ إذْ الْمَفْعُولُ بِهِ يَمْتَنِعُ عَنْهَا بِطَبْعِهِ عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ الْجِبِلَّةِ السَّلِيمَةِ فَيَكُونُ الزِّنَا أَغْلَبَ وُجُودًا، وَأَسْرَعَ حُصُولًا فَيَكُونُ إلَى الزَّاجِرِ أَحْوَجَ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَيْهَا دَلَالَةً (وَهَذَا) الْقَوْلُ (أَوْجَهُ) مِنْ قَوْلِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرْنَا (وَالتَّرْجِيحُ) الَّذِي ذَكَرَاهُ (بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْحُرْمَةِ) فِي اللِّوَاطَةِ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي الزِّنَا (سَاقِطٌ) بِالنِّسْبَةِ إلَى إيجَابِ الْحَدِّ أَلَا يُرَى أَنَّ حُرْمَةَ الدَّمِ وَالْبَوْلِ فَوْقَ الْخَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ حُرْمَتَهَا لَا تَزُولُ أَبَدًا أَوْ حُرْمَةُ الْخَمْرِ تَزُولُ بِالتَّخْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِشُرْبِهِمَا كَمَا يَجِبُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ.
(وَكَذَا قَوْلُهُمَا بِإِيجَابِ الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ) أَيْ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِإِيجَابِ الْقَتْلِ بِالْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ الَّذِي لَا تَحْتَمِلُهُ الْبِنْيَةُ كَالْحَجَرِ الْعَظِيمَةِ وَالْخَشَبَةِ الْجَسِيمَةِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِدَلَالَةِ وُجُوبِهِ بِالْقَتْلِ بِمَا يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ مِنْ سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَدَمِ إيجَابِهِ بِالْمُثْقَلِ (لِظُهُورِ تَعَلُّقِهِ) أَيْ الْقَتْلِ بِمَا يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ (بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ) لَا بِمُجَرَّدِ إتْلَافِ الْبِنْيَةِ بِمَا يُفَرِّقُ أَجْزَاءَهَا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْمُوجِبِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّةَ قُلْنَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَمُّدِ الصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ الْأَكْلَ أَوَالشُّرْبَ لِمَا يَصْلُحُ غِذَاءً أَوْ دَوَاءً بِدَلَالَةِ نَصِّ الْوِقَاعِ، وَلَمْ نَقِفْ عِنْدَ كَوْنِ آلَةِ الْإِفْسَادِ وَالْهَتْكِ فِي مُوجِبِيَّتِهَا فِي النَّصِّ الْوِقَاعَ (وَيَتَحَقَّقُ) الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ (بِمَا لَا تَحْتَمِلُهُ الْبِنْيَةُ) مِنْ الْمُثْقَلِ كَمَا

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست