responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 109
الْحَقِيقِيِّ شَرْعًا وَهُوَ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ شَرْعًا الْمُعْتَاضُ بِهِ عَمَّا هُوَ كَذَلِكَ بِإِذْنِ الشَّارِعِ، وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ ثُمَّ أَنَّى يَتِمُّ مَعَ قَوْلِهِ: سُحْتٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ خَبِيثٌ، وَإِشْرَاكُهُ مَعَ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ فِي هَذَا الْوَصْفِ، وَإِنْ قِيلَ: يَدُلُّ عَلَى انْعِقَادِهِ فَاسِدًا حَتَّى كَانَ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ بِالْقَبْضِ مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تَجْرِيدِ النَّظَرِ إلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي بَابِ النَّهْيِ كَمَا سَيُعْرَفُ ثَمَّةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فَهُوَ خِلَافُ الْمُصَرَّحِ بِهِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَكَوْنُ أَدِلَّةٍ خَارِجِيَّةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تُفِيدُ كَوْنَ بَيْعِهِ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ لَا يُوجِبُ كَوْنَ لَفْظِ الثَّمَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَشْبَاهِهِ مُشِيرًا أَوْ مُقْتَضِيًا ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: 187] عَلَى الْإِصْبَاحِ جُنُبًا) أَيْ وَكَدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] الْآيَةَ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُصْبِحَ الْمُبَاشِرُ فِي لَيْلِ رَمَضَانَ جُنُبًا صَائِمًا لِإِبَاحَةِ هَذَا النَّصِّ الْمُبَاشَرَةَ لَهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ طُلُوعَ الْفَجْرِ عَلَيْهِ جُنُبًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاغْتِسَالِ قَبْلَهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ هُوَ مُكَلَّفٌ بِالصَّوْمِ مِنْ طُلُوعِهِ فَيَجْتَمِعُ لَهُ وَصْفَا الْجَنَابَةِ وَالصَّوْمِ، وَيَسْتَلْزِمُ هَذَا أَيْضًا عَدَمَ مُنَافَاتِهِمَا، وَهَذَا لَيْسَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إبَاحَةُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْعِبَارِيُّ ثُمَّ الصَّرِيحُ الصَّحِيحُ مِنْ السُّنَّةِ مُؤَكِّدٌ لِهَذِهِ الْإِشَارَةِ الْقُرْآنِيَّةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ (وَظَهَرَ) مِنْ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ لِلْإِشَارَةِ السَّالِمَةِ مِنْ التَّعَقُّبِ (أَنَّهَا) أَيْ الْإِشَارَةَ الدَّالَّةَ (الِالْتِزَامِيَّةُ) لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ الَّتِي لَمْ تُقْصَدْ بِسَوْقِهِ وَيَحْتَاجُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا إلَى تَأَمُّلٍ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ (وَإِنْ خَفِيَ) اللُّزُومُ حَتَّى احْتَاجَ إلَى تَأَمُّلٍ وَجَرَى فِيهِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ لَا يَشْرِطُونَ فِي الِالْتِزَامِيَّةِ اللَّازِمَ الْبَيِّنَ فَضْلًا عَنْهُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بَلْ الثُّبُوتُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتَاجَ إلَى تَأَمُّلٍ وَفِكْرٍ أَوْ لَا، وَأَنَّ الْمَعْنَى الْإِشَارِيَّ لَازِمٌ مُتَأَخِّرٌ لِمَعْنَى اللَّفْظِ غَيْرُ مَسُوقٍ لَهُ يَحْتَاجُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ إلَى تَأَمُّلٍ فَحِينَئِذٍ لَا إشَارَةَ إلَّا مَعَ عِبَارَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
(فَإِنْ لَمْ يُرِدْ) بِاللَّفْظِ (سِوَاهُ) أَيْ اللَّازِمِ (فَكَانَ) اللَّفْظُ فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ (مَجَازًا) حِينَئِذٍ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ (لَزِمَ) أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى اللَّازِمِ (عِبَارَةً لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالسَّوْقِ) لَا إشَارَةً لِأَنَّ الْمَعْنَى الْإِشَارِيَّ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا بِالسَّوْقِ أَصْلًا (وَكَذَا فِي الْجُزْءِ) أَيْ وَكَذَا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي جُزْءِ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعِ لَهُ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ سِوَاهُ حَتَّى كَانَ مَجَازًا فِيهِ لَا تَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا عِبَارَةً لِكَوْنِهِ الْمَقْصُودَ بِالسَّوْقِ، وَالْمَعْنَى الْإِشَارِيُّ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا بِهِ أَصْلًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَذَا كُلُّ مَعْنًى مَجَازِيٍّ وَلَوْ كَانَ مَدْلُولَ الْإِشَارَةِ إذَا اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِيهِ صَارَ عِبَارَةً فِيهِ لِصَيْرُورَتِهِ مَقْصُودًا بِاللَّفْظِ اهـ فَتَنْفَرِدُ الْعِبَارَةُ عَنْ الْإِشَارَةِ (وَإِنْ دَلَّ) اللَّفْظُ (عَلَى حُكْمٍ مَنْطُوقٍ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ (لِمَسْكُوتٍ لِفَهْمِ مَنَاطِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (بِمُجَرَّدِ فَهْمِ اللُّغَةِ فَدَلَالَةٌ) أَيْ فَتِلْكَ الدَّلَالَةُ تُسَمَّى الدَّلَالَةَ، وَدَلَالَةَ النَّصِّ وَدَلَالَةَ مَعْنَى النَّصِّ لِفَهْمِهَا مِنْهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الدَّلَالَةُ مَا ثَبَتَ بِمَعْنَى النَّصِّ لُغَةً لَا اسْتِنْبَاطًا فَخَرَجَ بِمَعْنَى النَّصِّ الْعِبَارَةُ وَالْإِشَارَةُ لِثُبُوتِهِمَا بِالنَّظْمِ، وَالْمَحْذُوفُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَذْكُورِ وَبِلُغَةِ الْمُقْتَضَى لِثُبُوتِهِ بِمَعْنَاهُ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا وَبِ " لَا اسْتِنْبَاطًا ": الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ عِنْدِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَغَايُرِ الدَّلَالَةِ وَالْقِيَاسِ كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ مَشَايِخِنَا مِنْهُمْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ فَلِخُرُوجِهِ بِلُغَةِ اللَّهُمَّ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْمَنَارِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ لَهُ فِي الْمَنَارِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ الْقِيَاسِ كَمَا هُوَ قَوْلُ آخَرِينَ وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي رِسَالَتِهِ وَاخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَفَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ وَسَمَّوْهَا قِيَاسًا جَلِيًّا فَظَاهِرٌ ثُمَّ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِلْقَطْعِ بِتَوَارُثِ ثُبُوتِ دَلَالَةِ النَّصِّ قَبْلَ شَرْعِيَّةِ الْقِيَاسِ حَتَّى قِيلَ: يَجِبُ حَمْلُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ صُورَتَهُ صُورَةُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَقْيِسَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَقِيسُ مَعْلُومًا لُغَةً بِخِلَافِهِ فِي بَقِيَّةِ الْأَقْيِسَةِ وَقِيلَ النِّزَاعُ لَفْظِيٌّ وَعِنْدِي فِيهِ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست