responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 107
الْبَيْعِ وَحُرْمَةِ الرِّبَا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا وَفِي التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ نَصًّا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْهَا وَذِكْرُ لَا وَلِأَنَّ لَهَا (وَالتَّفْرِقَةُ) بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ (لَازِمٌ مُتَأَخِّرٌ) عَنْهُمَا بِخِلَافِ حِلِّ الْبَيْعِ وَحُرْمَةِ الرِّبَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَدْلُولٌ مُطَابِقِيٌّ لِلَّفْظِ الْمُفِيدِ لَهُ (وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمَعْنَى الْعِبَارِيِّ يَكُونُ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا لِلَّفْظِ (لَمْ يُقَيَّدْ) الْمَعْنَى (بِالْوَضْعِيِّ) فَيَخْرُجُ بَلْ قُلْنَا: وَلَوْ لَازِمًا لِيَكُونَ نَصًّا فِي دُخُولِهِ.
(وَيُقَالُ) فِي تَعْرِيفِهَا كَمَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَأَتْبَاعُهُ (مَا سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ) قَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَوَافَقَهُمْ الْمُصَنِّفُ (وَالْمُرَادُ) أَنْ يُسَاقَ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ (سَوْقًا أَصْلِيًّا أَوْ غَيْرَ أَصْلِيٍّ وَهُوَ) أَيْ غَيْرُ أَصْلِيٍّ (مُجَرَّدُ قَصْدِ التَّكَلُّمِ بِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (لِإِفَادَةِ مَعْنَاهُ) تَتْمِيمًا لِأَمْرٍ لَمْ يُسْقَ الْكَلَامُ لَهُ، وَالْأَصْلِيُّ مَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ مَعَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ (وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمُرَادِ السَّوْقَ الْمُطْلَقَ (عَمَّمْنَا الدَّلَالَةَ لِلْعِبَارَةِ فِي الْآيَتَيْنِ) آيَةَ {فَانْكِحُوا} [النساء: 3] وَآيَةَ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] مُوَافَقَةً لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ جَعَلَ الدَّلَالَةَ عَلَى التَّفْرِقَةِ عِبَارَةً؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالسَّوْقِ، وَعَلَى الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ إشَارَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَقْصُودَيْنِ بِهِ بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّوْقِ فِي تَعْرِيفِ الْعِبَارَةِ كَوْنُ الْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودَ لَهُ فَتَكُونُ الْعِبَارَةُ وَالنَّصُّ وَاحِدًا عِنْدَهُ وَالْعِبَارَةُ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ النَّصِّ عِنْدَ غَيْرِهِ (وَدَلَالَتُهُ) أَيْ اللَّفْظِ (عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ (أَصْلًا إشَارَةٌ) وَهِيَ لُغَةً الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَحْسُوسِ الْمُشَاهَدِ بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ بِهَا لِأَنَّ السَّامِعَ لِإِقْبَالِهِ عَلَى مَا سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ كَأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا فِي ضِمْنِهِ فَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالُوا وَنَظِيرُ الْعِبَارَةِ وَالْإِشَارَةِ مِنْ الْمَحْسُوسِ أَنْ يَنْظُرَ إنْسَانٌ إلَى مُقْبِلٍ عَلَيْهِ فَيُدْرِكَهُ وَيُدْرِكَ غَيْرَهُ بِلَحْظِهِ يَمْنَةً وَيَسَرَةً فَإِدْرَاكُهُ الْمُقْبِلَ كَالْعِبَارَةِ وَغَيْرُهُ كَالْإِشَارَةِ.
(وَقَدْ يُتَأَمَّلُ) أَيْ وَيَحْتَاجُ فِي الْوُقُوفِ عَلَى الْمَعْنَى الْإِشَارِيِّ إلَى تَأَمُّلٍ فُقِدَ لِلتَّحْقِيقِ فَإِنَّهُمْ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ السَّمْعَ حَتَّى قِيلَ الْإِشَارَةُ مِنْ الْعِبَارَةِ كَالْكِنَايَةِ مِنْ الصَّرِيحِ وَالظَّاهِرُ وَالْإِشَارَةُ وَإِنْ اسْتَوَيَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَلَامَ لَمْ يُسَقْ لَهُمَا قَدْ افْتَرَقَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الظَّاهِرَ يَعْرِفُهُ السَّامِعُ أَوَّلَ الْوَهْلَةِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فِيهِ، وَالْإِشَارَةُ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِنَوْعِ تَأَمُّلٍ وَاسْتِدْلَالٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ يُنْقَضَ مِنْهُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِغُمُوضٍ يَزُولُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ فَهِيَ إشَارَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى زِيَادَةِ تَأَمُّلٍ فَهِيَ إشَارَةٌ غَامِضَةٌ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرُهُ فَكَمَا أَنَّ إدْرَاكَ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالنَّظَرِ مَعَ إدْرَاكِ الْمَقْصُودِ بِهِ مِنْ كَمَالِ قُوَّةِ الْإِبْصَارِ كَذَا فَهْمُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْكَلَامِ فِي ضِمْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ مِنْ كَمَالِ قُوَّةِ الذَّكَاءِ وَصَفَاءِ الْقَرِيحَةِ وَلِهَذَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِ الْإِشَارَةِ الْخَوَاصُّ وَتُعَدُّ مِنْ مَحَاسِنِ الْكَلَامِ الْبَلِيغِ وَسَتَتَحَقَّقُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا الْتِزَامِيَّةً فَإِذَنْ هِيَ دَلَالَةٌ الْتِزَامِيَّةٌ لِمَعْنَى اللَّفْظِ لَمْ تُقْصَدْ بِسَوْقِهِ وَيَحْتَاجُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا إلَى تَأَمُّلٍ (كَالِاخْتِصَاصِ بِالْوَالِدِ نَسَبًا مِنْ آيَةِ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] دُونَ الْأُمِّ) أَيْ كَاخْتِصَاصِ الْأَبِ بِكَوْنِ الِانْتِسَابِ إلَيْهِ دُونَ الْأُمِّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَجِبُ كَوْنُ الْوَالِدِ أَخَصَّ بِالْوَلَدِ مِمَّنْ سِوَاهُ، وَذَلِكَ بِالِانْتِسَابِ ثُمَّ هُوَ لَيْسَ الْمَقْصُودَ مِنْ سَوْقِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ سَوْقِهَا إيجَابُ نَفَقَةِ الْوَالِدَاتِ وَكِسْوَتِهِنَّ عَلَى الْوَالِدِ فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهَا الْعِبَارَةُ وَالْإِشَارَةُ.
(فَثَبَتَتْ أَحْكَامٌ مِنْ انْفِرَادِهِ بِنَفَقَتِهِ وَالْإِمَامَةُ وَالْكَفَاءَةُ وَعَدَمُهُمَا) أَيْ فَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الِاخْتِصَاصِ فِي انْفِرَادِ الْوَالِدِ بِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ لَمَّا كَانَ مُخْتَصًّا بِالْمَوْلَى لَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي نَفَقَتِهِ، وَفِي تَعْدِيَةِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِلْأَبِ مَعَ ثَمَرَاتِهَا إلَيْهِ إذَا كَانَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ لِتِلْكَ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَكُفْءً لِلْقُرَشِيَّةِ لِاسْتِجْمَاعِهِ شَرَائِطَهُمَا الَّتِي مِنْهَا كَوْنُهُ قُرَشِيًّا تَعَدَّى إلَى الِابْنِ كَوْنُهُ كَذَلِكَ إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ بَقِيَّةُ شَرَائِطِهِمَا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ غَيْرَ أَهْلٍ وَكُفْءٍ لَهُمَا لِكَوْنِهِ جَاهِلًا غَيْرَ قُرَشِيٍّ كَانَ الِابْنُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الِابْنُ جَاهِلًا وَهَذَا مُطَّرِدٌ (مَا لَمْ يُخْرِجْهُ الدَّلِيلُ) أَيْ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست