اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 261
622- وأما فرض اجتماع على حكم مظنون في مسألة فردة ليست من كليات الدين مع تفرق العلماء واستقرارهم في أماكنهم ونتفاء داعية تقتضي جمعهم فهذا لا يتصور مع اطراد العادة فإذا من أطلق التصور أو عدم التصور فهو زلل والكلام المفصل إذا أطلق نفيه أو إثباته كان خلفا ومن ظن أن تصور الإجماع وقوعا في زماننا في آحاد المسائل المظنونة مع انتفاء الدواعي الجامعة هين فليس على بصيرة من أمره نعم معظم مسائل الإجماع جرى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مجتمعون أو متقاربون فهذا منتهى الغرض في تصوير الإجماع.
المسألة الثانية: في كونه حجة إذا وقع.
623- ما ذهب إليه الفرق المعتبرون من أهل المذاهب أن الإجماع في السمعيات حجة وأول من باح بردة النظام ثم [تابعه] طوائف من الروافض وقد يطلق بعضهم كون الإجماع حجة وهو في ذلك ملبس فإن الحجة عنده في قول الإمام القائم صاحب الزمان وهو منغمس في غمار الناس فإذا استفر الإجماع كان قوله من جملة الأقوال فهو الحجة وبه التمسك.
624- وعمدة نفاة الإجماع أن العقول لا تدل على كون الإجماع حجة وليس يمتنع في مقدور الله تعالى أن يجمع أقوام لا يعصم آحادهم عن الخطأ على نقيض الصواب فإذا ليس في العقل متعلق في انتصاب الإجماع حجة فلم يبق إلا تتبع الأدلة السمعية وتعيين انتفاء القاطع فيها والقاطع نص الكتاب أو نص السنة متواترا والمسألة عرية عنهما فلا دليل إذا على أن الإجماع حجة وهذا الكلام مخيل بالغ في فنه إن لم يسلك المسلك المرضى في تتبعه.
625- ثم تمسك القائلون بالإجماع بآي من كتاب الله تعالى ونحن نذكر أوقعها فمما استدل به الشافعي قول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [1] الآية {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} فإذا أجمع المؤمنون على حكم في قضية فمن خالفهم فقد شاقهم المعترضون وظني أن معظم تلك الاعتراضات الفاسدة تكلفه المصنفون حتى ينتظم لهم أجوبة عنها ولسن لأمثالها. [1] آية "115" سورة النساء.
اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 261