اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 176
المذكور واللفظ في نفسه ليس متضمنا نفى ما عدا المذكور بل وضع الكلام إذا رد الأمر إلى المقصود يقتضي اختصاص المذكور بغرض ما للمتكلم والصفة المناسبة في وضعها تقتضي نفي الحكم عند انتفاء الصفة فظهر القول بمفهوم الصفة وظهر اقتضاء التخصيص باللقب غرضا مبهما فإنا نقول وراء ذلك لا يجوز أن يكون من غرض المتكلم في التخصيص نفى ما عدا المسمى يلقبه فإن الإنسان لا يقول رأيت زيدا وهو يريد الإشعار بأنه لم ير غيره فإن هو أراد ذاك قال إنما رأيت زيدا وما رأيت إلا زيدا فاستبان بمجموع ذلك أن تخصيص الملقب بالذكر ليس يخلو عن فائدة هي غرض للمتكلم منها حكاية الحال وإن بلغنا الكلام مرسلا اعتقدنا غرضا مبهما ولم نر انتفاء غير المسمى من فوائد التخصيص.
377- ومن تمام الكلام فيه أن متكلفا لو فرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: في عفر الغنم الزكاة فهذا عندنا لا مفهوم له وهو كالمخصوص بلقبه ولكن يبعد من الرسول صلى الله عليه وسلم النطق بمثله وليس من الحزم أن يفرض من الشارع كلام لغو ويتعب في طلب فائدته فقد بان الآن مراتب العلماء.
فقد صار قوم إلى إبطال المفهوم وهذا ذهول عن فائدة الكلام وصار قوم إلى أن لكل تخصيص مفهوما كالدقاق وهذا الرجل ابتدر أمرا لا ينكر وهو أن العاقل لا يخصص مذكورا هزلا وليس كل الغرض موقوفا على نفي ما عدا المسى واعتبر الشافعي الصفة ولم يفصلها واستقر رأيي على تقسيمها وإلحاق ما لا يناسب منها باللقب وحصر المفهوم فيما يناسب وهذا منتهى الكلام.
مسألة.
378- فقد ذكرنا أن المفهوم ينقسم إلى ما يقع نصا غير قابل للتأويل ويغلب ذلك في مفهوم الموافقة إذا انتهى إلى المرتبة العليا وإذ ذاك يسمى عند أرباب الأصول الفحوى والغالب على مفهوم المخالفة الظهور والانحطاط عن رتبة النصوص فما يقع ظاهرا من تقاسيم المفهوم فالقول الضابط فيه: أنه نازل منزلة اللفظ الموضوع للعموم وضعا ظاهرا فيجوز ترك المفهوم بما يسوغ به تخصيص العموم وهذا نفصله في باب التأويل إن شاء الله تعالى.
379- وغرضنا الآن بعد إلحاق المفهوم باللفظ الموضوع للعموم أمران:
اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 176