responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 197
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَمَعْرَفَتِهِ وَأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْوُقُوفِ عَلَى كُنْهِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ بِغَيْرِهِ، كَمَا حَكَى عَنْ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إدْرَاكٌ، وَقَدْ قِيلَ:
حَقِيقَةُ الْمَرْءِ لَيْسَ الْمَرْءُ يُدْرِكُهَا ... فَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ الْجَبَّارِ فِي الْقِدَمِ
ثُمَّ قِيلَ: النِّزَاعُ فِي الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ، لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الرَّاسِخَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ ظَاهِرًا لَا حَقِيقَةً، وَمَنْ قَالَ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي إنْزَالِ الْمُتَشَابِهِ ابْتِلَاءُ الْعُقَلَاءِ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إلَّا اللَّهُ} وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ مَذْهَبٍ ثَالِثٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إلَّا اللَّهُ} وَقَوْلُهُ: {وَالرَّاسِخُونَ} مُبْتَدَأٌ وَلَكِنْ لَا نَقُولُ: لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ بَلْ يَعْلَمُونَهُ بِرَدِّ الْمُتَشَابِهِ إلَى الْمُحْكَمِ، وَبِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْخَفِيِّ بِالْجَلِيِّ، وَعَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَيَتَّفِقُ بِذَلِكَ الْحُجَّةَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ بِالْعِلْمِ الْقَدِيمِ لَا بِتَذَكُّرٍ وَلَا تَفَكُّرٍ وَلَا دَلِيلٍ، وَالرَّاسِخُونَ يَعْلَمُونَهُ بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ.

[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]
لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى أَصْلًا، لِأَنَّهُ مُهْمَلٌ، وَالْبَارِي سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، أَوْ لَهُ مَعْنًى وَلَكِنْ لَا يُفْهَمُ، أَوْ يُفْهَمُ لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرَهُ خِلَافًا، وَلِهَذَا أَوَّلُوا آيَاتِ الصِّفَاتِ عَلَى مُقْتَضَى مَا فَهِمُوهُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَا يُقَالُ: إنَّ فَائِدَتَهُ فِي مُخَاطَبَةِ الْخَلْقِ بِمَا لَا يَفْهَمُونَهُ،

اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست