responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 15
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا سُؤَالٌ حَسَنٌ لِجَدِّي الْعَلَّامَةِ أَبِي الْحَسَن مُظَفَّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمُقْتَرِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قُلْت: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ " وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ إذَنْ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ، وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُنْتَخَبِ " فَقَالَ: مُوَافَقَةُ الشَّرِيعَةِ لَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا حَقِيقِيًّا، فَإِنَّهَا نِسْبَةٌ بَيْنَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ وَالْأَمْرِ مَثَلًا، فَهِيَ تَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ لَا أَنَّهَا نَفْسُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَتَسْمِيَةُ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ حُكْمًا مَجَازٌ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ فِي الْعُقُودِ ثُبُوتُهَا عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ لِيَتَرَتَّبَ آثَارُهُ كَالْمِلْكِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعُقُودِ، أَيْ: يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَالْحِلِّ فِي النِّكَاحِ، وَالْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ: نِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ، أَيْ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ، وَأَثَرُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى حَسَبِهِ، فَأَثَرُ الْبَيْعِ الْمُكْنَةُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَالْأَكْلِ، وَالْبَيْعِ، وَالْوَقْفِ وَنَحْوِهِ، وَأَثَرُ الْإِجَارَةِ التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ، وَفِي الْقِرَاضِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَاسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ، وَفِي النِّكَاحِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ، فَكُلُّ عَقْدٍ تَرَتَّبَ آثَارُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْفَاسِدُ.
وَقِيلَ: إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ، وَلَا يَرِدُ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى شَرْطٍ آخَرَ وَلَيْسَ التَّصَرُّفُ وَالِانْتِقَاعُ أَثَرَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا أَثَرُهُ حُصُولُ الْمِلْكِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِشَرْطِهِ، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ خِيَارٌ. وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ امْرَأَةٍ فِي يَدِ الْغَيْرِ، ثُمَّ قَبِلَ نِكَاحَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ يَدَّعِي رِقَّهَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلِصَاحِبِهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ، فَهَذَا عَقْدٌ صَحِيحٌ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، لَكِنْ لِمَانِعٍ.

اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست