اسم الکتاب : الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة 306 هـ وآراؤه الأصولية المؤلف : الجبورى، حسين بن خلف الجزء : 1 صفحة : 162
وجاء في شرح الكوكب المنير[1] إيراد المسألة باسم آخر وهو "الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع وبعده وخلا عن حكمها فما هو حكم هذه الأعيان" ومن العلماء من ذكرها قبل ورود الشرع. ومع ذلك فقد قال صاحب الكوكب بأن أبا العباس ابن سريج قال: "بأنها مباحة".
هذا وقرر استدل ابن سريج على قوله هذا بالأدلة الآتية[2] وهي:
أولا: قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق} [3].
وجه الاستدلال: إن هذا استفهام إنكاري وهو يفيد الذم والتوبيخ. لذا كان مقتضى الآية أن الأصل في الأعيان المنتفع بها الإباحة.
ثانيا: استدل بقوله صلى الله عليه وسلم: "من أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم لأجل مسألته" [4] وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما سكت عنه فهو عفو" [5].
وجه الاستدلال: إن الحديثين يفيدان الإباحة.
ثالثا: استدل بأن هذه الأعيان ملك للَه تعالى والانتفاع بملك الغير على وجه لا يستضر به المالك جائز.
والدليل على ذلك أملاك الآدميين. فإنها يجور الانتفاع بها على وجه لا يستضر به المالك مثل الاستظلاِل بظله والمشي في ضوء سراجه، ولا ضرر على الله تعالى في انتفاعنا بهذه الأعيان. فوجب أن يكون الانتفاع بها جائزا على الإطلاق.
رابعا: قال: "إن الحكيم لا يخلق شيئا إلا لغرض ووجه من الحكمة يقتضي خلقه. وقد خلق الله تعالى هذه الأعيان فلا يخلو إما أن يكون خلقها للمنفعة أو المضرة. بطل أن يكون خلقها للمضرة، لأن هذا لا يليق بالحكيم. فبقي القسم الثاني وهو أنه خلقها للانتفاع بها. وإذا ثبت هذا فلا يخلو إما أن يكون خلقها لنفع نفسه أو لنفعنا، بطل أن يكون خلقها لنفع نفسه لأن الله تعالى مستغن عن ذلك. بقي أن يكون خلقها لنفع الناس، وإذا ثبت [1] انظر: شرح الكوكب المنير 1/325. [2] انظر: شرح الكوكب المنير 1/325، وسلاسل الذهب 19 وشرح اللمع 2/977. [3] سورة الأعراف آية: 32. [4] انظر: صحيح مسلم - كتاب الفضائل - 4/1831 وصحيح البخاري _ باب ما يكره من كثرة السؤال _ 8/142، ومختصر سنن أبي داود _ باب لزوم السنة _ 7/13. [5] انظر: سنن أبي داود 3/485، وسنن ابن ماجة 2/1117.
اسم الکتاب : الإمام أبو العباس ابن سريج المتوفي سنة 306 هـ وآراؤه الأصولية المؤلف : الجبورى، حسين بن خلف الجزء : 1 صفحة : 162