responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 97
وَمِنْ الْفُرُوعِ الْمُخَرَّجَةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَطَالَةِ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ عُرْفٌ بِهَا فِي أَشْهُرٍ مَخْصُوصَةٍ حُمِلَ عَلَيْهِ مَا وُقِفَ بَعْد ذَلِكَ لَا مَا وُقِفَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَادَةِ.
وَمِنْهَا: كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ. نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ بَيْعهَا وَشِرَائِهَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْي الْإِمَامِ ; وَاسْتَحْسَنَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ وَغَيْرُهُ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنَّ الْعَادَةَ اسْتَمَرَّتْ بِأَنَّهَا تُبَدَّلُ كُلَّ سَنَةٍ وَتُؤْخَذُ تِلْكَ الْعَتِيقَةُ فَيُتَصَرَّفُ فِيهَا بَيْعًا وَغَيْرَهُ، وَيُقِرُّهُمْ الْأَئِمَّةُ عَلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ عَصْرٍ فَلَا تَرَدَّدَ فِي جَوَازِهِ.
وَأَمَّا بَعْدَ مَا اُتُّفِقَ فِي هَذَا الْقَرْنِ: مِنْ وَقْفِ الْإِمَامِ ضَيْعَةً مُعَيَّنَةً عَلَى أَنْ يُصْرَفَ رِيعُهَا فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ، فَلَا يُتَرَدَّدُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ هَذِهِ الْعَادَةِ وَالْعِلْمِ بِهَا فَيَنْزِلُ لَفْظُ الْوَاقِفِ عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا: الْأَوْقَافُ الْقَدِيمَةُ الْمَشْرُوطُ نَظَرُهَا لِلْحَاكِمِ، وَكَانَ الْحَاكِمُ إذْ ذَاكَ شَافِعِيًّا ثُمَّ إنَّ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ أَحْدَثَ الْقُضَاةَ الْأَرْبَعَةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَمَا كَانَ مَوْقُوفًا قَبْلَ ذَلِكَ اخْتَصَّ نَظَرُهُ بِالشَّافِعِيِّ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ، وَمَا أُطْلِقَ مِنْ النَّظَرِ بَعْد ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ غَالِبًا لَا يَفْهَمُونَ مِنْ إطْلَاقِ الْحَاكِم غَيْرِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: ذَكَرَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ الْفِرْكَاحِ قَالَ: وَقَفْت عَلَى فُتْيَا صُورَتُهَا: أَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ دِمَشْقَ وَكَانَ حِينَئِذٍ فِي دِمَشْقَ حَاكِمٌ وَاحِدٌ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَلَّى السُّلْطَانُ فِي دِمَشْقَ أَرْبَعَ قُضَاةٍ وَمَاتَ الْقَاضِي الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَقْفِ. وَبَعْد ذَلِكَ وُلِّيَ الْقُضَاةُ الْأَرْبَعَةُ وَأَحَدُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الَّذِي كَانَ حِينَ الْوَقْفِ أَوَّلًا. وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيِّ وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ وَآخَرُونَ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْمَوْجُودِ حِينَ الْوَقْفِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمُسْتَنَدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَتْ التَّوْلِيَةُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ حَصَلَتْ لِثَلَاثَةٍ مَعَ الْقَاضِي الَّذِي كَانَ حِين الْوَقْفِ، وَذَلِكَ الْقَاضِي لَمْ يَنْعَزِلْ عَنْ نَظَرِهِ، وَلَا جَعَلَ الثَّلَاثَةَ مُزَاحِمِينَ لَهُ فِي كُلِّ مَا يَسْتَحِقُّ، بَلْ أُفْرِدَ هُوَ بِالْأَوْقَافِ، وَالْأَيْتَامِ وَالنُّوَّابِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَجُعِلَ الثَّلَاثَةُ مُشَارِكِينَ فِي الْبَاقِي، كَأَنَّهُمْ نُوَّابٌ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، وَفَصَّلَ الْحُكُومَاتِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، لَا فِي الْأَنْظَارِ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ ذَلِكَ الْقَاضِي تَوَلَّى وَاحِدٌ مَكَانَهُ عَلَى عَادَتِهِ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّ مَا كَانَ بِيَدِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ.
قَالَ: وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ: النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ اقْتَضَى دُخُولَ النُّوَّابِ وَالْعُرْفُ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَالْمَعْهُودُ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَل عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ كَانَ مَكَانه، فَكَأَنَّهُ هُوَ بِالنَّوْعِ، لَا بِالشَّخْصِ وَاَلَّذِي وُلِّيَ مَعَهُ لَيْسَ مَكَانَهُ وَلَا هُوَ مِنْ نَوْعِهِ، وَإِنَّمَا أُرِيد بِوِلَايَتِهِ إقَامَةُ مَنْ يَحْكُمُ بِذَلِكَ الْمَذْهَبِ الْمُتَجَدِّدِ، فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْحَاكِمُ الْمُسْتَمِرُّ الْحُكْمَ بِهِ، لِكَوْنِهِ خِلَافَ مَذْهَبِهِ، فَلَا مَدْخَلَ لِلْأَنْظَارِ فِي ذَلِكَ.

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست