responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 355
وَأَمَّا الْمَالُ: فَإِنْ رَضِيَ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، فَذَاكَ، وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الَّذِي شَهِدَ بِالْأَكْثَرِ وَيَأْخُذَهُ، وَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ نِصَابٌ، وَقَوَّمَ آخَرَانِ بِدُونِهِ، فَلَا قَطْعَ. وَيُؤْخَذُ فِي الْغُرْم بِالْأَقَلِّ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْأَظْهَرُ - أَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقَّنٌ، وَالزَّائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ.
وَالثَّانِي - أَنَّ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْأَقَلِّ، رُبَّمَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبٍ.
وَمِنْهَا: سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ مِلْكِ الْيَتِيمِ، اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ، فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ قِيمَتَهُ. مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، فَبَاعَهُ الْقَيِّمُ بِذَلِكَ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ: مِائَتَانِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ؟ .
فَأَجَابَ بَعْدَ التَّمَهُّلِ أَيَّامًا، وَالِاسْتِخَارَةِ - أَنَّهُ يُنْقَضُ الْحُكْمُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي مِثْلُهَا، وَأَرْجَحُ. وَقَدْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَتَبَيَّنَ اسْتِنَادُ مَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ إلَى حَالَةِ الْحُكْم، فَهُوَ كَمَا قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ لِلْخَارِجِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ بِبَيِّنَةِ، فَانْتُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى صَاحِبُ الْيَدِ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِمِثْلِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ اسْتِنَادُ مَانِعٍ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ ; لِأَنَّ قَوْلَ الشَّاهِدِ مُتَعَارِضٌ وَلَيْسَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ اهـ.
وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَمَنَعَ النَّقْضَ. قَالَ: لِأَنَّ التَّقْوِيمَ حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّعَارُضُ إلَّا إذَا كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ سَلَّمْنَا الْمُعَارَضَةَ فَهِيَ مُعَارَضَةٌ لِلْبَيِّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَيْسَتْ رَاجِحَةً عَلَيْهَا، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ مَسْأَلَةِ الْمُهَذَّبِ. وَكَيْفَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ رَاجِحٍ؟ وَمَعَنَا بَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ دَلِيلَانِ مُتَعَارِضَانِ فِي حُكْمٍ، لَيْسَ لَنَا أَنْ نَنْقُضَهُ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ تَعَارُضَ الدَّلِيلَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ، فَيَكُونُ مُوجِبًا لِنَقْضِهِ ; لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ كُلُّ مَا مَنَعَ الِابْتِدَاءَ مَنَعَ الدَّوَامَ. وَأَيْضًا قَدْ يَكُونُ تَرَجَّحَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَحَدُهُمَا، فَحَكَمَ بِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْدَمُ عَلَى الْحُكْمِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ، لَا نَقْدَمُ نَحْنُ عَلَى نَقْضِهِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ، وَلَمْ يُوجَدْ.
وَقَوْلُهُ: (وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ) : مَمْنُوعٌ، لَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ بَلْ أَكْثَرُ مَا فِيهِ - إنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ عَلَيْنَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إشْكَالِ الْأَمْرِ عَلَيْنَا - أَنْ نُوجِبَ النَّقْضَ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ، وَاحْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى الْبَيْعِ الْوَجْهُ أَنَّهُ

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست