responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
مِنْ فِعْله ; وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء وَرَدَ عَلَيْهِ، لَا قُدْرَة لَهُ وَلَا صُنْع، وَالْخَاطِر الَّذِي بَعْده كَانَ قَادِرًا عَلَى دَفْعه بِصَرْفِ الْهَاجِس أَوَّلَ وُرُوده، وَلَكِنَّهُ هُوَ وَمَا بَعْده مِنْ حَدِيث النَّفْس مَرْفُوعَانِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح، وَإِذَا ارْتَفَعَ حَدِيث النَّفْس ارْتَفَعَ مَا قَبْله بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ فِي الْحَسَنَات لَمْ يُكْتَب لَهُ بِهَا أَجْر. أَمَّا الْأَوَّل فَظَاهِر، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِث فَلِعَدَمِ الْقَصْد، وَأَمَّا الْهَمّ فَقَدْ بَيَّنَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ " إنَّ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ، يُكْتَبُ حَسَنَةً، وَالْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ سَيِّئَة، وَيُنْتَظَر فَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ حَسَنَةً، وَإِنْ فَعَلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً " وَالْأَصَحّ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْتَب عَلَيْهِ الْفِعْل وَحْده ; وَهُوَ مَعْنَى قَوْله " وَاحِدَة "، وَأَنَّ الْهَمّ مَرْفُوع.
وَمِنْ هَذَا يُعْلَم أَنَّ قَوْله فِي حَدِيث النَّفْس «: مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَعْمَلْ» لَيْسَ لَهُ مَفْهُوم، حَتَّى يُقَال: إنَّهَا إذَا تَكَلَّمَتْ أَوْ عَمِلَتْ يُكْتَب عَلَيْهِ حَدِيث النَّفْس ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَمّ لَا يُكْتَب، فَحَدِيثُ النَّفْسِ أَوْلَى، هَذَا كَلَامُهُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ.
وَقَدْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَقَالَ: إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ الْمُؤَاخَذَة مِنْ إطْلَاق قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوْ تَعْمَلْ» وَلَمْ يَقُلْ أَوْ تَعْمَلهُ، قَالَ: فَيُؤْخَذ مِنْهُ تَحْرِيم الْمَشْي إلَى مَعْصِيَة، وَإِنْ كَانَ الْمَشْي فِي نَفْسه مُبَاحًا، لَكِنْ لِانْضِمَامِ قَصْد الْحَرَام إلَيْهِ، فَكُلّ وَاحِد مِنْ الْمَشْي وَالْقَصْد لَا يَحْرُم عِنْد انْفِرَاده، أَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَإِنَّ مَعَ الْهَمّ عَمَلًا لِمَا هُوَ مِنْ أَسْبَاب الْمَهْمُوم بِهِ فَاقْتَضَى إطْلَاقُ «أَوْ تَعْمَلْ» الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ. قَالَ: فَاشْدُدْ بِهَذِهِ الْفَائِدَة يَدَيْك، وَاِتَّخِذْهَا أَصْلًا يَعُود نَفْعه عَلَيْك.
وَقَالَ وَلَده فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ: هُنَا دَقِيقَة نَبَّهْنَا عَلَيْهَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهِيَ: أَنَّ عَدَم الْمُؤَاخَذَة بِحَدِيثِ النَّفْس وَالْهَمّ لَيْسَ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطِ عَدَم التَّكَلُّم وَالْعَمَل، وَحَتَّى إذَا عَمِلَ يُؤَاخَذُ بِشَيْئَيْنِ هَمّه وَعَمَله، وَلَا يَكُون هَمُّهُ مَغْفُورًا، وَحَدِيث نَفْسه إلَّا إذَا لَمْ يَتَعَقَّبهُ الْعَمَل، كَمَا هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث، ثُمَّ حَكَى كَلَامَ أَبِيهِ الَّذِي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَاَلَّذِي فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَرَجَّحَ الْمُؤَاخَذَة، ثُمَّ قَالَ فِي الْحَلَبِيَّاتِ: وَأَمَّا الْعَزْم فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَخَالَفَ بَعْضهمْ وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْهَمّ الْمَرْفُوع، وَرُبَّمَا تَمَسّك بِقَوْلِ أَهْل اللُّغَة، هَمَّ بِالشَّيْءِ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا غَيْر سَدِيد لِأَنَّ اللُّغَوِيّ لَا يَتَنَزَّل إلَى هَذِهِ الدَّقَائِق.
وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» فَعُلِّلَ بِالْحِرْصِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُؤَاخَذَة بِأَعْمَالِ الْقُلُوب كَالْحَسَدِ وَنَحْوه، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] عَلَى تَفْسِير الْإِلْحَاد بِالْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ التَّوْبَة وَاجِبَة عَلَى الْفَوْر، وَمِنْ ضَرُورَتهَا الْعَزْم عَلَى عَدَم الْعَوْد، فَمَتَى عَزَمَ عَلَى الْعَوْد

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست