responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
الْغُسْل إذَا كَانَ جُنُبًا غَيْر مُحْدِث، أَوْ قُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا يَحْتَاج إلَى إفْرَاده بِنِيَّةٍ ; لِأَنَّهُ عِبَادَة مُسْتَقِلَّة. وَعَلَى الْأَصَحِّ: لَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّة الْغُسْل تَكْفِي فِيهِ، كَمَا تَكْفِي نِيَّة الْوُضُوء فِي حُصُول الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ. وَرَأَيْته فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ، قَالَ: وَهُوَ عَجِيب، فَإِنَّ نِيَّة الْغُسْل عَلَى هَذَا التَّقْدِير لَا بُدَّ أَنْ تُقَارِن أَوَّل هَذَا الْوُضُوء ; إذْ لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ الْمَأْتِيُّ بِهِ وُضُوءًا، بَلْ وَلَا عِبَادَة.
وَنِيَّة الْغُسْل فَقَطْ لَا تَكْفِي، بَلْ لَا بُدّ أَنْ يَنْوِيَ الْغُسْل مِنْ الْجَنَابَة أَوْ نَحْوه. وَإِذَا أَتَى بِذَلِكَ ارْتَفَعَتْ الْجَنَابَة عَنْ الْمَغْسُول مِنْ أَعْضَاء الْوُضُوء بِلَا نِزَاعٍ، لِوُجُودِ الشَّرَائِط، فَيَكُون الْمَأْتِيُّ بِهِ غُسْلًا لَا وُضُوءًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فَإِنَّ مَحِلّهمَا غَيْر مَحِلّ الْوَاجِب، فَظَهَرَ انْدِفَاع مَا قَالُوهُ. قَالَ: فَالصَّوَاب مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرهَا: أَنَّهُ إنْ تَجَرَّدَتْ الْجَنَابَة عَنْ الْحَدَث نَوَى بِوُضُوئِهِ سُنَّة الْغُسْل، وَإِنْ اجْتَمَعَا نَوَى بِهِ رَفْع الْحَدَث الْأَصْغَر، لِيَخْرُج مِنْ الْخِلَاف ; وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: الْأَغْسَال الْمَسْنُونَة فِي الْحَجّ. أَمَّا الْغُسْل لِدُخُولِ مَكَّةَ، فَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة ; لِأَنَّ نِيَّة الْحَجّ تَشْمَلهُ، وَقِيَاسه أَنْ يَكُون غُسْل الْوُقُوف وَمَا بَعْده كَذَلِكَ. وَأَمَّا غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَجَزَمَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى النِّيَّةِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ أَدْنَى نَظَر.
وَفِي الذَّخَائِرِ: فِي صِحَّة غُسْل الْإِحْرَام مِنْ الْحَائِض دَلِيل أَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة. قَالَ: وَيُفَرَّق بَيْنه وَبَيْن غُسْل الْجُمُعَة بِأَنَّ الْإِحْرَام مِنْ سُنَنه، وَنِيَّة الْحَجّ مُشْتَمِلَة عَلَى جَمِيع أَفْعَاله فَرْضًا وَسُنَّة فَلَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة، بِخِلَافِ غُسْل الْجُمُعَة فَإِنَّهُ سُنَّة مُسْتَقِلَّة وَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاة.
وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحّ لَوْ نَوَى الْإِحْرَام أَوَّلًا وَالسُّنَّةُ تَقْدِيمُ الْغُسْل، فَلَا تَنْعَطِف عَلَيْهِ النِّيَّة.
وَلِهَذَا صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلهَا احْتِيَاجه إلَى النِّيَّة، وَإِنْ كَانَ فَرْض الْمَسْأَلَة فِي الْحَائِض فَقَطْ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى انْعِطَاف النِّيَّة فِي الْوُضُوء، فَإِنْ قُلْنَا بِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا، فَلَا يَحْتَاج إلَى النِّيَّة وَإِلَّا فَلَا.
وَمِنْ ذَلِكَ: رَكْعَتَا الطَّوَاف يُشْتَرَط فِيهِمَا النِّيَّة قَطْعًا، وَلَا يَنْسَحِب عَلَيْهِمَا نِيَّة الْإِحْرَام لِأَنَّهَا مَحْض صَلَاة، فَافْتَقَرَتْ إلَيْهَا بِخِلَافِ الطَّوَاف، فَإِنَّهُ بِالْوُقُوفِ أَشْبَه، وَلِأَنَّهَا تَابِعَة لِلطَّوَّافِ وَهُوَ تَابِع لِلْإِحْرَامِ فَلَا تَنْسَحِب نِيَّته عَلَى تَابِع التَّابِع، وَهَذَا تَعْلِيل حَسَن ظَرِيف، لَهُ نَظِير فِي الْعَرَبِيَّة.
وَمِنْ ذَلِكَ: طَوَاف الْوَدَاع، وَقَدْ حَكَى السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست