responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 181
وَمِنْهَا: إذَا قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ كَسُوبًا، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ.
قَالَ الْفَرَاوِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَزِمَهُ بِسَبَبٍ هُوَ عَاصٍ بِهِ، كَإِتْلَافِ مَالِ إنْسَانٍ عُدْوَانًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ لِوَفَائِهِ ; لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْهُ وَاجِبَةٌ وَمِنْ شُرُوطِهَا: إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيَلْزَمُهُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ، حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ وَمِنْهَا: مَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ وَلَا مَالَ لَهُ، هَلْ يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَا يَجِب لِوَفَاءِ الدَّيْنِ، وَالْأَصَحُّ: نَعَمْ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِالْكَسْبِ، فَكَذَلِكَ إحْيَاءُ بَعْضِهِ.
وَفِي التَّتِمَّةِ: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفَقَةِ الْأُصُولِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفَقَةِ الْفُرُوعِ فَيَجِبُ الِاكْتِسَابُ قَطْعًا ; لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأُصُولِ سَبِيلُهَا سَبِيلُ الْمُوَاسَاةِ، فَلَا تَكَلُّفَ أَنْ يَكْتَسِبَ لِيَصِيرَ مِنْ أَهْل الْمُوَاسَاةِ، وَنَفَقَةُ الْفُرُوعِ بِسَبَبِ حُصُولِ الِاسْتِمْتَاعِ، فَأُلْحِقَتْ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَهِيَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا ذَهَابٌ إلَى الْقَطْعِ بِوُجُوبِ الِاكْتِسَابِ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ; وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ فِيهَا وَجْهَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ عَلَى وُجُوبِ الِاكْتِسَابِ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ ; لِالْتِحَاقِهَا بِالدُّيُونِ.
وَمِنْهَا: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاكْتِسَابِ فَهَلْ يُكَلَّفُ بِهِ، وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ؟ أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا: لَا يُكَلَّفُهَا الْأَصْلُ ; لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ فَتَجِب نَفَقَتُهُ، بِخِلَافِ الْفَرْعِ.
وَالثَّانِي: يُكَلَّفَانِ ; لِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ مُسْتَغْنٍ عَنْ أَنْ يَحْمِلَ غَيْرُهُ كُلَّهُ.
وَالثَّالِثُ: لَا يُكَلَّفَانِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُمَا إذْ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلِّفَ الْإِنْسَانُ قَرِيبَهُ الْكَسْبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ.
وَمِنْهَا: إذَا كَانَ الْأَبُ قَادِرًا عَلَى كَسْبِ مَهْرِ حُرَّةٍ، أَوْ ثَمَنِ سُرِّيَّةٍ لَا يَجِبُ إعْفَافُهُ. وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْحَاضِرِ. قَالَهُ الشَّيْخ أَبُو عَلِيٍّ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي النَّفَقَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ، هَلْ يَبْطُلُ، كَبَيْعِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ؟ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْعَبَّادِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَفِي الْحَاوِي: إنْ آجَرَ نَفْسَهُ فِيمَا هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ عَمَلِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ صَانِعًا، وَعَمَلُهُ مَقْصُودٌ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، مِثْلَ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ فِي حَجٍّ، أَوْ وَكَالَةٍ فِي عَمَلٍ صَحَّ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْ غَيْرِهِ بِعَمَلِهِ، فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ بِعِوَضٍ، كَمَا قَالُوا: يَصِحُّ خَلْعُهُ ; لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا، فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى انْتَهَى.

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست