responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 156
قَالَ: وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ مِنْ الْوَاقِفِ: إمَّا تَمْلِيكٌ، أَوْ تَوْكِيلٌ. فَإِنْ كَانَ تَوْكِيلًا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ تَوْكِيلًا عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ، فَكَيْف يُوَكَّلُ؟ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ لَجَازَ لَهُ عَزْلُهُ، وَهُوَ لَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْفُذْ. وَلَا عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، لِلْأَمْرَيْنِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، أَوْ تَوْكِيلٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ إثْبَاتُ حَقٍّ فِي الْوَقْفِ ابْتِدَاءً، فَإِنَّ رَقَبَةَ الْمَوْقُوفِ تَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُتَصَرِّفٍ، وَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ حُكْمَ الْوَاقِفِ فِي الصَّرْفِ، وَفِي تَعْيِين الْمُتَصَرِّفِ، وَهُوَ النَّاظِرُ، فَعُلِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاق النَّاظِرِ النَّظَرَ بِالشَّرْطِ كَاسْتِحْقَاقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةَ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْغَلَّةِ، لَمْ يَسْقُطْ، فَكَذَلِكَ إسْقَاطُ النَّظَرِ، ثُمَّ إنْ جَعَلْنَاهُ تَمْلِيكًا مِنْهُ، حَسُنَ اشْتِرَاطُ الْقَبُول بِاللَّفْظِ، كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ. وَإِنْ جَعَلْنَاهُ اسْتِخْلَافًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُشْتَرَطْ.
قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ أَيْضًا عَلَى التَّمْلِيكِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، بَلْ وَصْفٌ فِي الْوَقْفِ، كَسَائِرِ شُرُوطِهِ.
قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَى.
قَالَ: بَلْ أُزِيدُ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ، لَا يَرْتَدُّ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ، حَيْثُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، لِمَا قُلْنَاهُ: مِنْ أَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا، بَلْ وَصْفٌ فِي الْوَقْفِ تَابِعٌ لَهُ، كَسَائِرِ شُرُوطِهِ.
إلَّا أَنَّا لَا نَضُرُّهُ بِإِلْزَامِ النَّظَرِ. بَلْ إنْ شَاءَ نَظَرَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْظُرْ ; فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ.
قَالَ: ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ مُعَيَّنًا. أَمَّا إذَا كَانَ مَوْصُوفًا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ قَطْعًا كَالْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: النَّظَرُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ، فَيَتَمَكَّنُ صَاحِبُهُ مِنْ إسْقَاطِهِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا. لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ، عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً، أَوْ دَيْنًا، فَكَيْفَ لَا يَتَمَكَّنُ النَّاظِرُ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ النَّظَر؟
فَالْجَوَّابُ: أَنَّ ذَاكَ فِيمَا هُوَ فِي حُكْم خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَحَقُّ النَّظَرِ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَتَجَدَّدُ بِحَسَبِ صِفَةٍ فِيهِ، وَهُوَ الرُّشْدُ مَثَلًا إنْ عَلَّقَهُ الْوَاقِفُ بِهَا، أَوْ بِحَسَبِ ذَاتِهِ، إنَّ شُرُوطَهُ لَهُ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْأَبُ أَوْ الْجَدّ حَقَّ الْوِلَايَةِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، أَوْ التَّزْوِيجَ، وَنَحْوَهُ انْتَهَى كَلَامُ السُّبْكِيُّ مُلَخَّصًا مِنْ كِتَابِهِ " تَسْرِيحُ النَّاظِرِ فِي انْعِزَالِ النَّاظِرِ ".

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست