responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 140
عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ ; فَإِنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ، لَا لِمَعْنًى فِي اللُّبْسِ، وَلِهَذَا يُلْبَسُ غَيْرُهُ، وَيُمْسَحُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمُحْرِمُ: فَقَامَ بِهِ مَعْنَى آخَرُ، أَخْرَجَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْمَسْحِ لِامْتِنَاعِ اللُّبْسِ مُطْلَقًا. وَمِنْهَا: لَوْ جُنَّ الْمُرْتَدُّ، وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتِ أَيَّامِ الْجُنُونِ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا إذَا حَاضَتْ الْمُرْتَدَّةُ لَا تَقْضِي صَلَوَاتِ أَيَّامِ الْحَيْضِ ; لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عَنْ الْحَائِضِ عَزِيمَةٌ وَعَنْ الْمَجْنُونِ رُخْصَةٌ، وَالْمُرْتَدُّ لَيْسَ مِنْ أَهْل الرُّخْصَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ، فَفِي وَجْهٍ تَقْضِي صَلَوَاتِ أَيَّامِ النِّفَاسِ ; لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ، وَالْأَصَحُّ: لَا، لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عَنْ النُّفَسَاءِ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ وَصَلَّى قَاعِدًا، فَفِي وَجْهٍ: يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعِصْيَانِهِ، وَالْأَصَحُّ: لَا.
وَمِنْهَا: يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ رُخْصَةً، فَلَوْ كَانَ الْحِنْثُ بِمَعْصِيَةٍ فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي
وَمِنْهَا: لَوْ صَبَّ الْمَاءَ بَعْدَ الْوَقْتِ لِغَيْرِ غَرَضٍ وَتَيَمَّمَ، فَفِي وَجْهٍ: تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِعِصْيَانِهِ وَالْأَصَحُّ: لَا ; لِأَنَّهُ فَاقِدٌ.
وَمِنْهَا: إذَا حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ جِلْدِ الْآدَمِيّ بِالْمَوْتِ ; فَفِي وَجْهٍ: لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ مَعْصِيَةٌ، وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يَطْهُر كَغَيْرِهِ وَتَحْرِيمُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ، بَلْ لِلِامْتِهَانِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ; وَلِأَنَّهُ يُحَرَّم اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ.
تَنْبِيهٌ:
مَعْنَى قَوْلُنَا " الرُّخَصُ: لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي " أَنَّ فِعْلَ الرُّخْصَةِ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ، نُظِرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا، امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَة، وَإِلَّا فَلَا، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْن الْمَعْصِيَةِ بِالسَّفَرِ وَالْمَعْصِيَةِ فِيهِ.
فَالْعَبْدُ الْآبِقُ، وَالنَّاشِزَةُ، وَالْمُسَافِرُ لِلْمَكْسِ، وَنَحْوُهُ. عَاصٍ بِالسَّفَرِ: فَالسَّفَرُ نَفْسُهُ مَعْصِيَةٌ وَالرُّخْصَةُ مَنُوطَةٌ بِهِ مَعَ دَوَامِهِ، وَمُعَلَّقَةٌ، وَمُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ تَرَتُّبَ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، فَلَا يُبَاحُ.
وَمَنْ سَافَرَ مُبَاحًا، فَشَرِبَ الْخَمْرَ فِي سَفَرِهِ، فَهُوَ عَاصٍ فِيهِ، أَيْ مُرْتَكِبُ الْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ ; فَنَفْسُ السَّفَرِ: لَيْسَ مَعْصِيَةً، وَلَا آثِمًا بِهِ فَتُبَاحُ فِيهِ الرُّخَصُ ; لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالسَّفَرِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُبَاحٌ. وَلِهَذَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى، الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ، بِخِلَافِ الْمُحْرِم ; لِأَنَّ الرُّخْصَةَ مَنُوطَة بِاللُّبْسِ، وَهُوَ لِلْمُحْرِمِ مَعْصِيَةٌ ; وَفِي الْمَغْصُوب لَيْسَ مَعْصِيَة لِذَاتِهِ، أَيْ لِكَوْنِهِ لُبْسًا، بَلْ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقّ الْغَيْرِ، وَلِذَا لَوْ تَرَكَ اللُّبْسَ، لَمْ تَزُلْ الْمَعْصِيَةُ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ.

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست