responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 132
وَاحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلِّهِ يُقَسَّمُ الْآنَ عَلَى أَوْلَادِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: " ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ " فَقَدْ أَثْبَتَ لِجَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَاد اسْتِحْقَاقًا بَعْدَ الْأَوْلَادِ. وَإِنَّمَا حَجَبْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةَ، وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ: بِالْأَوْلَادِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَوْلَادُ زَالَ الْحَجْبُ، فَيَسْتَحِقَّانِ. وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَلَا يَحْصُلُ لِزَيْنَبِ جَمِيعُ نَصِيبِ أَبِيهَا. وَيَنْقُص مَا كَانَ بِيَدِ فَاطِمَةَ، بِنْتِ لَطِيفَةَ وَهَذَا أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النُّزُولُ الْحَادِثُ بِانْقِرَاضِ طَبَقَةِ الْأَوْلَادِ " الْمُسْتَفَادُ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ: أَنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ بَعْدَهُمْ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِظَاهِرِ قَوْلِهِ " إنَّ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ " فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَصِيبَ عَلِيٍّ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ. وَاسْتِمْرَار نَصِيب لَطِيفَةَ لِبِنْتِهَا فَاطِمَة، فَخَالَفْنَاهُ بِهَذَا الْعَمَل فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ نُخَالِفْ ذَلِكَ، لَزِمَنَا مُخَالَفَةُ قَوْلِ الْوَاقِفِ: " إنَّ بَعْدَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ "، وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ.
فَهَذَانِ الظَّاهِرَانِ تَعَارَضَا، وَهُوَ تَعَارُضٌ قَوِيٌّ صَعْبٌ. لَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَحَزٌّ أَصْعَبُ مِنْهُ. وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ فِيهِ بِالْهَيِّنِ بَلْ هُوَ مَحَلُّ نَظَرِ الْفَقِيهِ. وَخَطَرَ لِي فِيهِ طُرُقٌ:
مِنْهَا: أَنَّ الشَّرْطَ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ جَمِيعِهِمْ مُتَقَدِّمٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ، وَالشَّرْطُ الْمُقْتَضِي لِإِخْرَاجِهِمْ بِقَوْلِهِ " مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ " مُتَأَخِّرٌ، فَالْعَمَلُ بِالْمُتَقَدِّمِ أَوْلَى ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ، حَتَّى يُقَالَ: الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَوْلَى.
وَمِنْهَا ; أَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ أَصْلٌ، وَذِكْرُ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْوَالِدِ إلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ وَتَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْأَصْلِ، فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ " مَنْ " صِيغَةٌ عَامَّةٌ، فَقَوْلُهُ " مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَد " صَالِحٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ، وَلِمَجْمُوعِهِمْ، وَإِذَا أُرِيدَ مَجْمُوعُهُمْ، كَانَ انْتِقَال نَصِيب مَجْمُوعِهِمْ إلَى مَجْمُوعِ الْأَوْلَادِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذَا الشَّرْطِ، فَكَانَ إعْمَالًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ، مَعَ إعْمَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ نَعْمَلْ بِذَلِكَ كَانَ إلْغَاءً لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلّ وَجْهٍ وَهُوَ مَرْجُوحٌ.
وَمِنْهَا: إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْن إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ، تَعَارُضًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَقْرَبُ إلَى غَرَض الْوَاقِفِينَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ اسْتِحْقَاقَ زَيْنَبَ لِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يَخُصُّهَا إذَا شَرَكَ بَيْنهَا وَبَيْن بَقِيَّةِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ: مُحَقَّقٌ. وَكَذَا فَاطِمَةُ، وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا: مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَمَشْكُوكٌ فِي اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَلِكَةَ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَرْجِيحٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ، فَيُقَسَّم بَيْن عَبْدِ الرَّحْمَن، وَمَلِكَةَ، وَزَيْنَبَ. وَفَاطِمَةَ.
وَهَلْ يُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِعَبْدِ الرَّحْمَن: خُمُسَاهُ. وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِنَاثِ: خُمُسُهُ، نَظَرًا إلَيْهِمْ، دُون أُصُولِهِمْ، أَوْ يُنْظَرُ إلَى أُصُولِهِمْ، فَيَنْزِلُونَ مَنْزِلَتَهُمْ

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست