responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 116
قَالَ ابْنُ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ عُورِضَ بِهِ حَدِيثُ «إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، غَلَبَ الْحَرَامُ» ، وَلَيْسَ بِمُعَارَضٍ ; لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ ثَمَّ إعْطَاءَ الْحَلَالِ حُكْمَ الْحَرَامِ تَغْلِيبًا وَاحْتِيَاطًا لَا صَيْرُورَتُهُ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا.
وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ: مَا تَقَدَّمَ فِي خَلْطِ الدِّرْهَمِ الْحَرَام بِالْمُبَاحِ. وَخَلْطِ الْحَمَام الْمَمْلُوك بِالْمُبَاحِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ. وَكَذَا الْمُحْرَمُ بِالْأَجَانِبِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: لَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ فَوَطِئَ وَاحِدَةً، حُرِّمْت عَلَيْهِ الْأُخْرَى. فَلَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ.
وَفِي وَجْهٍ. إذَا أَحْبَلَ الثَّانِيَةَ حَلَّتْ، وَحُرِّمَتْ الْأُولَى، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ غَرِيبٌ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: الْإِيثَارُ فِي الْقُرْبِ مَكْرُوهٌ وَفِي غَيْرِهَا مَحْبُوبٌ]
ٌ. قَالَ تَعَالَى ( {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] .
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: لَا إيثَارَ فِي الْقُرُبَاتِ، فَلَا إيثَارِ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ، وَلَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَا بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ بِالْعِبَادَاتِ: التَّعْظِيمُ، وَالْإِجْلَالُ. فَمَنْ آثَرَ بِهِ، فَقَدْ تَرَكَ إجْلَالَ الْإِلَهِ وَتَعْظِيمِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ فَوَهَبَهُ لِغَيْرِهِ لِيَتَوَضَّأ بِهِ، لَمْ يَجُزْ، لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا ; لِأَنَّ الْإِيثَارَ: إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّفُوسِ، لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرَبِ، وَالْعِبَادَاتِ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فِي بَابِ الْجُمُعَةِ: لَا يُقَامُ أَحَدٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيُجْلَسَ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِنْ قَامَ بِاخْتِيَارِهِ، لَمْ يُكْرَه، فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْإِمَامِ كُرِهَ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: لِأَنَّهُ آثَرَ بِالْقُرْبَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، فِي الْفُرُوقِ: مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاة، وَمَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ، وَهُنَاكَ مَنْ يَحْتَاجُهُ لِلطَّهَارَةِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِيثَارُ.
وَلَوْ أَرَادَ الْمُضْطَرُّ: إيثَارَ غَيْرِهِ بِالطَّعَامِ، لِاسْتِبْقَاءِ مُهْجَتِهِ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ مُهْجَتِهِ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْحَقَّ فِي الطَّهَارَة لِلَّهِ، فَلَا يُسَوَّغُ فِيهِ الْإِيثَار، وَالْحَقُّ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ لِنَفْسِهِ.
وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمُهْجَتَيْنِ عَلَى شَرَفِ التَّلَفِ، إلَّا وَاحِدَةٌ تُسْتَدْرَكُ بِذَلِكَ الطَّعَامِ، فَحَسُنَ إيثَارُ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ: وَيُقَوِّي هَذَا الْفَرْقَ مَسْأَلَةٌ الْمُدَافَعَةِ ; وَهِيَ: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قُصِدَ قَتْلُهُ ظُلْمًا

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست