responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 103
[تَنْبِيهَاتٌ عَلَى قَاعِدَةُ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ]
تَنْبِيهَاتٌ:
الْأَوَّلُ:
وَقَعَ فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ أَنَّ [امْرَأَةً وَقَفَتْ دَارًا ذَكَرَتْ أَنَّهَا بِيَدِهَا وَمِلْكِهَا وَتَصَرُّفِهَا عَلَى ذُرِّيَّتِهَا] وَشَرَطَتْ النَّظَرَ لِنَفْسِهَا ثُمَّ لِوَلَدِهَا وَأَشْهَدَ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُكْمِ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَبِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَبِالْحُكْمِ بِهِ وَبَعْدَهُ شَافِعِيٌّ آخَرُ فَأَرَادَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ إبْطَالَ هَذَا الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى شَرْطِهَا النَّظَرَ لِنَفْسِهَا وَاسْتِمْرَارِ يَدهَا عَلَيْهَا وَبِمُقْتَضَى كَوْن الْحَاكِم لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ وَأَنَّ حُكْمَهُ بِالْمُوجِبِ لَا يَمْنَعُ النَّقْضَ وَأَفْتَاهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِذَلِكَ تَعَلُّقًا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْهَرَوِيِّ فِي قَوْلِ الْحَاكِمِ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْته قَبُولَ مِثْلِهِ وَأُلْزِمْت الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمِ وَتَصْوِيبِ الرَّافِعِيِّ ذَلِكَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْحُكْم بِالْمُوجِبِ أَمْ لَا لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ حَكَمَ فِيهِ حَاكِمٌ حُكْمًا صَحِيحًا لَا يَنْقُضُ حُكْمُهُ وَأَمَّا مَنْ خَصَّ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فَلَا.
وَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ امْتِنَاعِ النَّقْضِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمُ. بِلَفْظِ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ. قَالَ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِمُوجِبِ الْإِقْرَار مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَصِحَّةِ الْمُقِرّ بِهِ فِي حَقّ الْمُقِرّ، فَإِذَا حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ اُسْتُلْزِمَ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ وَبِبُطْلَانِ الْمُقِرّ بِهِ فِي حَقِّ الْمُقِرّ.
قَالَ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْن الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجِب إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا عَلَى كُلّ أَحَد. أَمَّا الْإِقْرَار فَالْحُكْم بِصِحَّتِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُقِرّ وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِهِ كَذَلِكَ.
قَالَ: وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْهَرَوِيِّ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " بِمُوجَبِهِ " عَائِدٌ عَلَى الْكِتَابِ وَمُوجِبُ الْكِتَابِ صُدُورَ مَا تَضُمّهُ مِنْ إقْرَارِ أَوْ تَصَرُّفٍ أَوْ غَيْر ذَلِكَ. وَقَبُولُهُ، وَإِلْزَامُ الْعَمَل بِهِ هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزُورٍ، وَأَنَّهُ مُثْبَتُ الْحُجَّةِ غَيْرَ مَرْدُودٍ، ثُمَّ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِهَا عَلَى أُمُورٍ أُخَرَ.
مِنْهَا عَدَمُ مُعَارَضَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيِّ فِي بَقِيَّةِ كَلَامِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَنَحْنُ نُوَافِقهُ عَلَى ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.
أَمَّا مَسْأَلَتنَا هَذِهِ فَالْحُكْمُ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونُ الْكِتَابِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ الرَّافِعِيُّ وَلَا الْهَرَوِيُّ فِيهِ بِشَيْءٍ فَزَالَ التَّعَلُّقُ بِكَلَامِهِمَا، انْتَهَى.

الثَّانِي: مَعْنَى قَوْلِهِمْ " الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ " أَيْ فِي الْمَاضِي وَلَكِنْ بِغَيْرِ الْحُكْم فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِانْتِفَاءِ التَّرْجِيحِ الْآن وَلِهَذَا يُعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي فِي الْقِبْلَةِ وَلَا يَنْقُضُ مَا مَضَى.

اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست