اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السبكي، تاج الدين الجزء : 1 صفحة : 13
القواعد الخمس
القاعدة الأولى: اليقين لا يرفع بالشك
...
القواعد الخمس:
وليقع الابتداء بالقواعد الخمس التي أشرنا إليها هنا ثم نعقبها بما نورده واحدة بعد واحدة.
القاعدة الأولى: اليقين لا يرفع بالشك
اليقين لا يرفع بالشك[1] ولا يخفي أنه لا شك[2] مع اليقين ولكن المراد استصحاب الأصل المتيقن لا يزيله شك طارئ عليه. فقل إن شئت: الأصل بقاء ما كان على ما كان، أو: الاستصحاب حجة. ومن ثم كان القول قول نافي الوطء غالبا[3]. ولم يكن على المانع[4] في المناظرة دليل. [1] والأصل فيها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه، أخرج فيه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" رواه مسلم من حديث أبي هريرة وأصله في الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا"، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عباس وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أو أربعا؟ فليطرح الشك ولبين ما استيقن"، وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر: واحدة صلى أو اثنتين؟ فليبن على واحدة، فإن لم يتيقن: صلى اثنتين أم ثلاثا؟ فليبن على اثنتين، فإن لم يدر: أثلاثا صلى أم أربعا؟ فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم".
اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر. [2] والمراد بالشك لغةً: مطلق التردد. وفي اصطلاح الأصوليين تساوي الطرفين فإن رجح كان ظنا والمرجوح وهما وأما عند الفقهاء فزعم النووي أنه كاللغة في سائر الأبواب لا فرق بين المساوي والراجح وهذا إنما قالوه في الأحداث وقد فرقوا في مواضع كثيرة بينهما.
منها: في باب الإيلاء لو قيد بمستبعد الحصول في أربعة أشهر كنزول عيسى صلى الله عليه وسلم فحول وإن ظن حصوله قبلها فليس بحول قطعا وإن شك فوجهان أصحهما كذلك.
ومنها: ما سبق في الحياة المستقرة شك في المذبوح هل فيه حياة بعد الذبح حرم للشك في المبيح وإن غلب على ظنه بقاؤها حلت.
ومنها: في باب القضاء بالعلم لم يجعلوا للتساوي أثرا أو اعتبروا الظن المؤكد وكذلك في الصيد إذا توارد عليه اثنان في بعض صورة.
ومنها: في الأكل من مال الغير إذا غلب على ظنه الرضا جاز وإن شك فلا ومثله وجوب ركوب البحر في الحج إن غلبت السلامة وإن شك فلا ومثله في المرض والمخوف إذا غلب على ظنه كونه مخوفا نفد التصرف من الثلث وإن شككنا في كونه مخوفا لم ينفذ إلا بقول أهل الخبرة.
ومنها: قالوا في كتاب الطلاق أنه لا يقع بالشك فأرادوا به الطرف المرجوح ولهذا قال الرافعي في باب الاعتكاف: قولهم: لا يقع الطلاق بالشك مسلم ولكنه يقع بالظن الغالب المنثور 2/ 255. [3] الأشباه والنظائر للسيوطي ص57. [4] والممانعة امتناع السائل عن قبول ما أوجبه المعلل من غير دليل.
اسم الکتاب : الأشباه والنظائر المؤلف : السبكي، تاج الدين الجزء : 1 صفحة : 13