responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 56
الْأَوَّلُ: أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا: إِذَا كَانَ اسْمُ الْفَاعِلِ بِتَقْدِيرِ الْمَاضِي لَا يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ، فَلَا يُقَالُ ضَارِبُ زَيْدًا أَمْسِ كَمَا يُقَالُ بِتَقْدِيرِ الْمُسْتَقْبَلِ، بَلْ يُقَالُ: ضَارِبٌ زَيْدٍ، أَطْلَقُوا عَلَيْهِ اسْمَ الْفَاعِلِ بِاعْتِبَارِ مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنَ الْفِعْلِ الْمَاضِي.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ وُجُودُ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاشْتِقَاقِ حَقِيقَةً لَمَا كَانَ إِطْلَاقُ اسْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخْبِرِ حَقِيقَةً أَصْلًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْكَلَامِ مِنْهُ وَالْخَبَرِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَتِمُّ بِمَجْمُوعِ حُرُوفِهِ وَأَجْزَائِهِ، وَلَا وُجُودَ لِلْحُرُوفِ السَّابِقَةِ مَعَ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ أَصْلًا، وَلَا خَفَاءَ بِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا حَقِيقَةً قَبْلَ وُجُودِ الْكَلَامِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً عِنْدَ آخَرِ جُزْءٍ مِنَ الْكَلَامِ وَالْخَبَرِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الْكَلَامِ، وَالْخَبَرُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمَّا كَانَ حَقِيقَةً أَصْلًا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَإِلَّا لَصَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ إِذْ هُوَ لَازِمُ نَفْيِ الْحَقِيقَةِ، وَلَمَا حَنَثَ مَنْ حَلَفَ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَتَكَلَّمْ حَقِيقَةً وَإِنَّنِي لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا حَقِيقَةً إِذَا كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ أَوْ كَلَّمَهُ.
الثَّالِثُ: إِنَّ الضَّارِبَ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الضَّرْبُ، وَمَنْ وُجِدَ مِنْهُ الضَّرْبُ فِي الْمَاضِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ الضَّرْبُ فَكَانَ ضَارِبًا حَقِيقَةً.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً، وَلِهَذَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا: اسْمُ الْفَاعِلِ إِذَا كَانَ بِتَقْدِيرِ الْمُسْتَقْبَلِ عَمِلَ عَمَلَ الْفِعْلِ، فَقِيلَ: ضَارِبٌ زَيْدًا غَدًا وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةً بِالِاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَغَيْرُ لَازِمٍ أَيْضًا ; إِذْ لِلْخِصْمِ أَنْ يَقُولَ: شَرْطُ كَوْنِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً إِنَّمَا هُوَ وُجُودُ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَوُجُودُ آخَرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ فِي الْكَلَامِ وَالْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اسْمَ الضَّارِبِ حَقِيقَةً عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الضَّرْبُ مُطْلَقًا، بَلْ مَنِ الضَّرْبُ حَاصِلٌ مِنْهُ حَالَةَ تَسْمِيَتِهِ ضَارِبًا، ثُمَّ يَلْزَمُ تَسْمِيَةُ أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ كَفَرَةً ; لِمَا وُجِدَ مِنْهُمْ مَنِ الْكُفْرِ السَّابِقِ، وَالْقَائِمِ قَاعِدًا، وَالْقَاعِدِ قَائِمًا ; لِمَا وُجِدَ مِنْهُ مِنَ الْقُعُودِ وَالْقِيَامِ السَّابِقِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ اللِّسَانِ.
هَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَيْكَ بِالنَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ.

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست