responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 54
بل واجب ومن قرأ كتب التشريح للأطباء علم أن في ذلك أعظم عبرة فليقل إن قتل الأنفس مباح في العقل واحتج المبيحون أيضا بأن قالوا لا بد من فعل أو ترك أو حركة أو سكون فإن منعتموه الكل أوجبتم المحال والممتنع قال أبو محمد وهذا إنما يخاطب به من قال بالحظر وأما نحن فلسنا نقول إن في العقل إباحة شيء ولا حظره وإنما فيه تمييز الموجودات على ما هي عليه وفهم الخطاب فقط وبالجملة فكل شيء يعارض به القائلون بالإباحة أو الحظر فهي دعاوى مجردة واحتج بعض القائلين بالإباحة بقوله تعالى {من هتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا
معذبين حتى نبعث رسولا}

قال أبو محمد ولا حجة لهم في هذا لأننا لم نقل إنه تعالى يعذب من لم يبعث إليه رسولا فيعارضون بهذا وليست هذه الآية من مسألتنا في الإباحة والحظر في ورد ولا صدر لأن الأشياء لو ورد الحظر فيها بنص جلي إلا أنه لم يأت وعيد على مرتكبها لم يجز لأحد أن يقول إن الله تعالى يعذب من خالف أمره وليس في كون المرء عاصيا أو كافرا ما يوجب أنه يعذب ولا بد وإنما علمنا وجوب العذاب من طريق القرآن والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فقط ولولا ذلك ما علمناه برهان ذلك أن الكفار الطغاة قد وجدناهم في هذا العالم يعمرون مدة أعمارهم غير معذبين لا بل في نعمة وملك وغلبة وكرامة ولا فرق بين جواز ذلك خمسين عاما وستين وسبعين وثمانين وبين تماديه هكذا أبدا وقتا بعد وقت ولا فرق بين جواز ذلك في الوقت الأول وبين جوازه في الوقت الثاني وليست هنا حال حدثت لهم إلا أن الله تعالى أراد أن يعذبهم في الآخرة ولو شاء أن يستمر نعيمهم لفعل ولكن ورد النص بالتعذيب قلنا به وقال بعض القائلين بالإباحة محال أن يخلق الله تعالى فينا الشهوات المقتضية لما تقتضيه ثم يحظر علينا ما خلق لنا

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست