اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 123
شيء من هذين الوجهين
فإن قالوا لا يمكنان أبدا بل قد أمنا ذلك صاروا إلى قولنا وقطعوا أن كل خبر رواه الثقة عن الثقة مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الديانة فإنه حق قد قاله عليه السلام كما هو وأنه يوجب العلم ونقطع بصحته ولا يجوز أن يختلط به خبر موضوع أو موهوم فيه لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط اختلاطا لا يتميز فيه الباطل من الحق أبدا وإن قالوا بل كل ذلك ممكن كانوا قد حكموا بأن الدين دين الإسلام قد فسد وبطل أكثره واختلط ما أمر الله تعالى به مع ما لم يأمر به اختلاطا لا يميزه أحد أبدا وأنهم لا يدرون أبدا ما أمرهم به الله تعالى مما لم يأمرهم به ولا ما وضعه الكاذبون والمستخفون مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالظن الذي هو أكذب الحديث والذي لا يغني من الحق شيئا وهذا انسلاخ من الإسلام وهدم للدين وتشكيك في الشرائع ثم نقول لهم أخبرونا إن كان ذلك كله ممكنا عندكم فهل أمركم الله تعالى بالعمل بما رواه الثقات مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يأمركم بالعمل به ولا بد من أحدهما فإن قالوا لم يأمرنا الله تعالى بذلك لحقوا بالمعتزلة وسيأتي جوابهم على هذا القول إن شاء الله تعالى وإن قالوا بل أمرنا الله تعالى بالعمل بذلك قلنا لهم فقد قلتم إن الله تعالى أمركم بالعمل في دينه بما لم يأمركم به مما وضعه الكذابون وأخطأ فيه الواهمون وأمركم بأن تنسبوا إليه تعالى وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم ما لم يأتكم به قط وما لم يقله الله تعالى قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا قطع بأنه عز وجل أمر بالكذب عليه وافترض العمل بالباطل وبما ليس من الدين وبما شرع الكذابون مما لم يأذن به
الله تعالى وهذا عظيم جدا لا يستجيز القول به مسلم ثم نسألهم عما قالوا إنه ممكن من سقوط بعض ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحكم في الدين بإيجاب أو تحريم حتى لا يوجد عند أحد هل بقي علينا العمل به أم سقط عنا ولا بد من
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 123