اسم الکتاب : الإجماع في الشريعة الإسلامية المؤلف : رشدي عليان الجزء : 1 صفحة : 73
بل لابد أن يكون عندهم دليل مقطوعا به، وهذا يدل على أن الأخبار النبوية التي سقناها كانت عندهم مقطوعا بها حتى لم تكن في نظرهم مجالا للظن والاختلاف"[1].
ب_ وجهة نظر القائلين بعدم حجية الإجماع.
عرفنا أن النظّّام وآخرين ذهبوا إلى أن الإجماع ليس حجة شرعية، وأدلتهم تتلخص في الآتي: _
1_ أن تحقق الإجماع وثبوته يتوقف على معرفة كل واحد من أهل الإجماع ثم على وصول الواقعة إليهم، ومعرفة رأي كل منهم، وهذا أمر غير ممكن عادة نظرا لانتشارهم في البلدان الإسلامية وبعد المسافة بينهم[2].
ورُدّ ذلك: بأن معرفة أهل الإجماع والتحقق من شخصياتهم ممكن وذلك بأن يحصي كل حاكم إقليم ما لديه منهم، ويكتب بذلك إلى الحاكم العام سيما وأن من يبلغ درجة الاجتهاد يكون معروفا جدا في كل إقليم بل قد يطير صيته وآراؤه إلى سائر أقاليم الدولة والدول الإسلامية كافة، ثم إن انتشارهم وتفرقهم وبعد المسافة بينهم لا يمنع من وصول الواقعة إليهم، والإطلاع على آرائهم جميعا، وذلك بأن يجمعهم الحاكم في بلدة واحدة كلما دعا الأمر ويسألهم عما يريد أو يكتب إليهم فيستطلع رأي كل منهم.
2_ أن معاذا _ رضي الله عنه _ لم يذكر الإجماع من المصادر التي يصح الاعتماد عليها في تشريع الأحكام، بل اقتصر على الكتاب والسنة والاجتهاد، وذلك عندما وجهه رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قاضيا إلى اليمن وسأله بماذا تقضي..[3] وأن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أقره على ذلك ودعا له، وحمد الله على توفيقه. فلو كان الإجماع من مصادر الأحكام لذكره معاذ ولما ساغ له تركه مع حاجته إليه، ولما أقره النبي _ عليه السلام _ على تركه ورُدّ ذلك: بأن معاذا _ رضي الله عنه _ إنما ذكر المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في تشريع الأحكام في زمن النبي _ عليه السلام _ ومعروف أن الإجماع ليس حجة في حياته. وأن تقرير النبي _ عليه الصلاة والسلام _ مطابق للواقع في حياته وليس فيه دلالة على عدم حجية الإجماع بعد وفاته _ صلى الله عليه وسلم _[4]. [1] أصول الفقه ص316. [2] الآمدي/ الإحكام ج1ص102. [3] رواه الترمذي 1/249، وأبو داود 3/303، والدارمي 1/60 وانظر مسند أحمد 5/230. [4] الآمدي/ الإحكام ج1ص107.
اسم الکتاب : الإجماع في الشريعة الإسلامية المؤلف : رشدي عليان الجزء : 1 صفحة : 73