اسم الکتاب : الإبهاج في شرح المنهاج المؤلف : السبكي، تقي الدين الجزء : 1 صفحة : 277
على أنهم أحالوا ذلك وأما وقوعها فذهبت المعتزلة والخوارج وطائفة من الفقهاء إليه مطلقا وقالوا نقل الشارع هذه الألفاظ من الصلاة والصيام وغيرهما من مسمياتها اللغوية وابتدأ وضعها لهذه المعاني فليست حقائق لغوية ولا مجازات عنها وأنكره القاضي أبو بكر مطلقا وزعم أن لفظ الصلاة والصوم وغيرهما في الشرع مستعمل في المعنى اللغوي وهو الدعاء والإمساك لكن الشارع شرط في الاعتداد بهما أمورا أخر نحو الركوع والسجود والكف عن الجماع والنية فهو منصرف بوضع الشرط لا بتغير الوضع وشدد النكير على مخالفيه وقال قد تبعهم شرذمة من الفقهاء الحائدين عن التحقيق وما راموا مرامهم بيد أنهم زلوا عن سواء الطريق وذهب إمام الحرمين والغزالي والإمام وأتباعه منهم صاحب الكتاب إلى التفصيل فاثبتوا من المنقولات الشرعية ما كان مجازا لغويا كما في الحقائق العرفية دون ما ليس كذلك بل كان منقولا عنها بالكلية وهذا معنى قول المصنف مجازات لغوية اشتهرت لا موضوعات مبتدأة أي لم تستعمل في المعنى اللغوي ولم يقطع النظر عنه حالة الاستعمال بل استعملت في هذه المعاني لما بينها وبين المعاني اللغوية من العلاقة فالصلاة مثلا لما كانت في اللغة عبارة عن الدعاء بخير قال الشاعر:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاعتمضي ... نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
كانت بالمعنى اللغوي جزءا منها بالمعنى الشرعي لاشتمال ذات الأركان على الدعاء فكان إطلاقها على المعنى الشرعي من باب التسمية للشيء باسم بعضه وهو مجاز لغوي اشتهر وصار بالاشتهار حقيقة شرعية وكذلك الصوم فإنه في اللغة الإمساك قال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
وفي الشرع اسم للإمساك عن الطعام والشراب مع انضمام أمور أخر إليه وكذا الحج فإنه في اللغة القصد قال الشاعر:
واشهد من عرف حلولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
اسم الکتاب : الإبهاج في شرح المنهاج المؤلف : السبكي، تقي الدين الجزء : 1 صفحة : 277