responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإبهاج في شرح المنهاج المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 158
ولا ينبغي أن يظن ظان من ذلك أن الشافعي يجوز تكليف الغافل مطلقا فقدره رضى الله عنه يجل عن ذلك وأظهر الرأيين عندنا أن الشافعي فصل بين السكران وغيره ثم إنا نقول لعل ذلك هو الحق دالين عليه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [1] فإن قلت لعل المراد بالسكران في الآية النشوان الذي لا ينسل عن رتبة التمييز قلت هذا التأويل ينافي سياق الآية فإن الرب تعالى قال: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} وليس عندي على من قال إن السكران مكلف إلا إشكال دقيق لولاه لجزمت القول بأنه مكلف وهو أنه يلزم من قال إنه مكلف أن يأمره بالوضوء ويطالبه بالصلاة ويرد عليه إذن قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فإن تحريم الصلاة عليه لا يجامع مطالبته بها فالآية تصلح معتصما للفريقين فمن يكلفه يقول الله خاطبه ومن يمنع يقول قد أمره بألا يقرب الصلاة فإن قلت كيف لا تكلفون النائم وهو يضمن ما يتلفه في نومه ويقضي الصلوات التي تمر عليه مواقيتها إلى غير ذلك من الأحكام؟
قلت الذي قلناه إنه لا يخاطب في حال نومه ولكن يتوجه عليه الخطاب بعد ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة أو نسيها فليصلها إذ ذكرها".
فإن قلت إنما يخاطب في اليقظة بسبب ما تقدم في النوم.
قلت مقصدنا نفي الخطاب في حال النوم فأما ثبوت أسباب يستند إليها تثبت الأحكام في اليقظة فمما لا ننكره ويوضح هذا أن الصبي الذي لا يميز لو أتلف شيئا لطالبناه ببدله فوجوب الزكوات والغرم والنفقات ليس من التكليف بل الإتلاف وملك النصاب سبب لثبوت هذه الحقوق في ذمة الصبيان بمعنى مخاطبة الولي في الحال بالأداء ومخاطبة الصبي بعد البلوغ وذلك غير محال وليس كقولك لمن لا يفهم افهم فإن أهلية ثبوت الأحكام في الذمة تستفاد من الإنسانية التي لها يستعد بقبول قوة العقل الذي به قوة فهم التكليف في ثاني الحال حتى أن البهيمة لما لم يكن لها قوة فهم الخطاب بالفعل ولا

[1] سورة النساء: 43.
اسم الکتاب : الإبهاج في شرح المنهاج المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست