responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول السرخسي المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 75
مسائلهم تدل على ذَلِك فَإِن الْمُرْتَد إِذا أسلم لَا يلْزمه قَضَاء الصَّلَوَات الَّتِي تَركهَا فِي حَال الرِّدَّة عندنَا وَتلْزَمهُ عِنْد الشَّافِعِي وَالْمُرْتَدّ كَافِر
وَاسْتدلَّ بعض أَصْحَابنَا على أَن الْخلاف بَيْننَا وَبَين الشَّافِعِي أَن تنصيص عُلَمَائِنَا أَن ذَلِك لَا يلْزمه الْقَضَاء بعد الْإِسْلَام دَلِيل على أَنه لم يكن مُخَاطبا بأدائها فِي حَالَة الْكفْر وَهَذَا ضَعِيف فسقوط الْقَضَاء عَن الْمُرْتَد وَالْكَافِر الْأَصْلِيّ بعد الْإِسْلَام بِوُجُود الدَّلِيل الْمسْقط وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام الْإِسْلَام يجب مَا قبله والسقوط بِإِسْقَاط من لَهُ الْحق لَا يكون دَلِيل انْتِفَاء أصل الْوُجُوب
وَمِنْهُم من اسْتدلَّ على ذَلِك بِمن صلى فِي أول الْوَقْت ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ أسلم فِي آخر الْوَقْت فَعَلَيهِ أَدَاء فرض الْوَقْت عندنَا لِأَن بِالرّدَّةِ يَنْعَدِم خطاب الْأَدَاء فِي حَقه والاعتداد بِمَا مضى كَانَ بِنَاء عَلَيْهِ فَإِذا أسلم وَقد بَقِي شَيْء من الْوَقْت يثبت الْوُجُوب بِاعْتِبَارِهِ وَيصير مُخَاطبا بِالْأَدَاءِ ابْتِدَاء وعَلى قَول الشَّافِعِي لَا يلْزمه الْأَدَاء لِأَن الْخطاب بِالْأَدَاءِ لَا يَنْعَدِم فِي حَقه بِالرّدَّةِ فَبَقيَ الْمُؤَدى معتدا بِهِ وعَلى هَذَا لَو حج ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ أسلم وَلَكِن هَذَا ضَعِيف أَيْضا فَإِن الْمُؤَدى إِنَّمَا لَا يكون معتدا بِهِ بعد الرِّدَّة لِأَن الرِّدَّة تحبط الْعَمَل قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} يَعْنِي مَا اكْتسب من الْعِبَادَات وَمَا حَبط لَا يكون معتدا فَلهَذَا ألزمناه الْأَدَاء ثَانِيًا
وَمِنْهُم من جعل هَذِه الْمَسْأَلَة فرعا لأصل مَعْرُوف بَيْننَا وَبينهمْ أَن الشَّرَائِع عِنْدهم من نفس الْإِيمَان وهم مخاطبون بِالْإِيمَان (فيخاطبون بالشرائع وَعِنْدنَا الشَّرَائِع لَيست من نفس الْإِيمَان وهم مخاطبون بِالْإِيمَان) فَلَا يخاطبون بِالْأَدَاءِ بالشرائع الَّتِي تبتنى على الْإِيمَان مَا لم يُؤمنُوا وَهَذَا ضَعِيف أَيْضا فَإِنَّهُم مخاطبون بالعقوبات والمعاملات وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك من نفس الْإِيمَان أَيْضا
فَالَّذِي يَصح من الِاسْتِدْلَال لمشايخنا رَحِمهم الله على هَذَا الْمَذْهَب لفظ مَذْكُور فِي الْكتاب وَهُوَ أَن من نذر أَن يَصُوم شهرا ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ أسلم فَلَيْسَ عَلَيْهِ من الصَّوْم الْمَنْذُور شَيْء لِأَن الرِّدَّة تبطل كل عبَادَة وَمَعْلُوم أَنه لم يرد بِهَذَا التَّعْلِيل الْعِبَادَة المؤداة فَهُوَ مَا أدّى الْمَنْذُور بعد فَعرف أَن الرِّدَّة تبطل وجوب أَدَاء كل عبَادَة فَيكون هَذَا شبه التَّنْصِيص عَن أَصْحَابنَا أَن الْخطاب بأَدَاء الشَّرَائِع الَّتِي تحْتَمل السُّقُوط لَا يتناولهم مَا لم يُؤمنُوا

اسم الکتاب : أصول السرخسي المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست