responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول السرخسي المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 117
فصل فِي بَيَان الْعَزِيمَة والرخصة
قَالَ رَحمَه الله الْعَزِيمَة فِي أَحْكَام الشَّرْع مَا هُوَ مَشْرُوع مِنْهَا ابْتِدَاء من غير أَن يكون مُتَّصِلا بِعَارِض
سميت عَزِيمَة لِأَنَّهَا من حَيْثُ كَونهَا أصلا مَشْرُوعا فِي نِهَايَة من الوكادة وَالْقُوَّة حَقًا لله تَعَالَى علينا بِحكم أَنه إلهنا وَنحن عبيده وَله الْأَمر يفعل مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد وعلينا الْإِسْلَام والانقياد
والرخصة مَا كَانَ بِنَاء على عذر يكون للعباد وَهُوَ مَا استبيح للْعُذْر مَعَ بَقَاء الدَّلِيل الْمحرم وللتفاوت فِيمَا هُوَ أعذار الْعباد يتَفَاوَت حكم مَا هُوَ رخصَة
والاسمان من حَيْثُ اللُّغَة يدلان على مَا ذكرنَا لِأَن الْعَزْم فِي اللُّغَة هُوَ الْقَصْد الْمُؤَكّد قَالَ الله تَعَالَى {فنسي وَلم نجد لَهُ عزما} أَي قصدا متأكدا فِي الْعِصْيَان وَقَالَ تَعَالَى {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} وَمِنْه جعل الْعَزْم يَمِينا حَتَّى إِذا قَالَ الْقَائِل أعزم كَانَ حَالفا لِأَن الْعباد إِنَّمَا يؤكدون قصدهم بِالْيَمِينِ
والرخصة فِي اللُّغَة عبارَة عَن الْيُسْر والسهولة يُقَال رخص السّعر إِذا تيسرت الْإِصَابَة لِكَثْرَة وجود الأشكال وَقلة الرغائب فِيهَا وَفِي عرف اللِّسَان تسْتَعْمل الرُّخْصَة فِي الْإِبَاحَة على طَرِيق التَّيْسِير يَقُول الرجل لغيره رخصت لَك فِي كَذَا أَي أبحته لَك تيسيرا عَلَيْك وَقد بَينا مَا هُوَ الْعَزِيمَة فِي الْفَصْل الْمُتَقَدّم فَإِن النَّوَافِل لكَونهَا مَشْرُوعَة ابْتِدَاء عَزِيمَة وَلِهَذَا لَا تحْتَمل التَّغْيِير بِعُذْر يكون للعباد حَتَّى لَا تصير مَشْرُوعَة
وَزعم بعض أَصْحَابنَا أَنَّهَا لَيست بعزيمة لِأَنَّهَا شرعت جبرا للنقصان فِي أَدَاء مَا هُوَ عَزِيمَة من الْفَرَائِض أَو قطعا لطمع الشَّيْطَان فِي منع الْعباد من أَدَاء الْفَرَائِض من حَيْثُ إِنَّهُم لما رَغِبُوا فِي أَدَاء النَّوَافِل مَعَ أَنَّهَا لَيست عَلَيْهِم فَذَلِك دَلِيل رغبتهم فِي أَدَاء الْفَرَائِض بطرِيق الأولى وَالْأول أوجه فَهَذَا الَّذِي قَالُوا مَقْصُود الْأَدَاء فَأَما النَّوَافِل فمشروع ابْتِدَاء مستدام لَا يحْتَمل التَّغَيُّر بِعَارِض يكون من الْعباد
وَأما الرُّخْصَة قِسْمَانِ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر مجَاز فالحقيقة نَوْعَانِ أَحدهمَا أَحَق من الآخر وَالْمجَاز نَوْعَانِ أَيْضا أَحدهمَا أتم من الآخر فِي كَونه مجَازًا

اسم الکتاب : أصول السرخسي المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست