responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 79
وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالتَّخْصِيصِ: فَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ السَّامِعَ إِذَا لَمْ يَجِدْ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ، فَيَحْصُلُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَمَّا فِي الْمَجَازِ فَالسَّامِعُ إِذَا لَمْ يَجِدْ قَرِينَةً لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَلَا يَحْصُلُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ.
وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالتَّخْصِيصِ: فَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّخْصِيصَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ هُوَ وَالْإِضْمَارُ سَوَاءٌ، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْإِضْمَارِ.

الْبَحْثُ الْعَاشِرُ: فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ
ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَجَمِيعُ الْحَنَفِيَّةِ، وَجَمْعٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ اللَّفْظُ فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، حَالَ كَوْنِهِمَا مَقْصُودَيْنِ بِالْحُكْمِ، بِأَنْ يُرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَأَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَبِي عَلِيِّ الْجُبَّائِيِّ[1] مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَافْعَلْ أَمْرًا وَتَهْدِيدًا فَإِنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ الْفِعْلِ، وَالتَّهْدِيدُ يَقْتَضِي التَّرْكَ فَلَا يَجْتَمِعَانِ مَعًا.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ: إِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا عَقْلًا لَا لُغَةً، إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُفْرَدِ كَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ، فَيَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا لُغَةً لِتَضَمُّنِهِ الْمُتَعَدِّدَ كَقَوْلِهِمْ: الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ[2].
وَرَجَّحَ هَذَا التَّفْصِيلَ ابْنُ الْهُمَامِ، وَهُوَ قَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْمُقْتَضَى وَفُقِدَ الْمَانِعُ فَلَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا إِرَادَةُ غَيْرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، مَعَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِالْمُتَعَدِّدِ. وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا: بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ يَسْتَلْزِمُ مَا يُخَالِفُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ قَرِينَةُ عَدَمِ إِرَادَتِهِ، فَيَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهُمَا. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِلْزَامَ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّعْمِيمِ، أَمَّا مَعَهُ فَلَا، وَاحْتَجُّوا ثَانِيًا: بِأَنَّهُ كَمَا يَسْتَحِيلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا وَعَارِيَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، كَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ فِي اللَّفْظِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَمَجَازًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الثَّوْبَ ظَرْفٌ حَقِيقِيٌّ لِلْمِلْكِ، وَالْعَارِيَةِ، وَاللَّفْظُ ليس بظرف حقيقي للمعنى.

[1] هو محمد بن الوهاب بن سلام الجبائي، أبو علي، من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره، إليه نسبة الطائفة الجبائية، ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين، وتوفي سنة ثلاث وثلاثمئة هجرية، من آثاره: "تفسير" حافل مطول. ا. هـ. الأعلام "6/ 256"، سير أعلام النبلاء "14/ 183".
[2] انظر فواتح الرحموت "1/ 216".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست