responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 57
الْعَبَثِ، وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا مَا قَالُوهُ: مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَلَمْ يَأْتُوا بِحُجَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، مِنْ وُقُوعِ التَّرَادُفِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، مِثْلَ: الْأَسَدِ وَاللَّيْثِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالْقَمْحِ، وَالْجُلُوسِ وَالْقُعُودِ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا وَإِنْكَارُهُ مُبَاهَتَةٌ.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ مَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنَ التَّرَادُفِ، هُوَ مِنِ اخْتِلَافِ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ، كَالْإِنْسَانِ وَالْبَشَرِ، أَوِ الصِّفَاتِ كَالْخَمْرِ لِتَغْطِيَةِ الْعَقْلِ وَالْعَقَارِ لِعُقْرِهِ أَوْ لِمُعَاقَرَتِهِ، أَوِ اخْتِلَافِ الْحَالَةِ السَّابِقَةِ كَالْقُعُودِ مِنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ مِنَ الِاضْطِجَاعِ، تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ، وَتَعَسُّفٌ بَحْتٌ، وَهُوَ وَإِنْ أَمْكَنَ تَكَلُّفُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَادِّ الْمُتَرَادِفَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمَكِنُ فِي أَكْثَرِهَا، يَعْلَمُ هَذَا كُلُّ عَالِمٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، فَالْعَجَبُ مِنْ نِسْبَةِ الْمَنْعِ مِنَ الْوُقُوعِ إِلَى مِثْلِ ثَعْلَبٍ[1]، وَابْنِ فَارِسٍ[2] مَعَ تَوَسُّعِهِمَا فِي هَذَا الْعِلْمِ.

[1] هو أبو العباس، أحمد بن يحيى بن زيد، إمام الكوفيين في اللغة والنحو، المعروف بثعلب، ولد ببغداد سنة مائتين هجرية، وتوفي فيها سنة إحدى وتسعين ومائتين، وهو حجة مشهور بالحفظ، من آثاره: "قواعد الشعر"، و"الفصيح". ا. هـ. تذكرة الحفاظ "20/ 666"، هدية العارفين "1/ 54".
[2] هو أحمد بن فارس زكريا، القزويني، الرازي، المالكي، اللغوي، أبو الحسين توفي في الري سنة خمس وتسعين وثلاثمائة هـ، من آثاره: "مقاييس اللغة" "اختلاف النحاة" ا. هـ. سير أعلام النبلاء "17/ 103"، هدية العارفين "1/ 68"، الأعلام "1/ 193".
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْمُشْتَرَكِ
وَهُوَ اللَّفْظَةُ الْمَوْضُوعَةُ لِحَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَضْعًا أَوَّلًا، مِنْ حَيْثُ هُمَا كَذَلِكَ.
فَخَرَجَ بِالْوَضْعِ: مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِالْحَقِيقَةِ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِالْمَجَازِ، "وَخَرَجَ بِقَيْدِ: أَوَّلًا: الْمَنْقُولُ"*، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيْثِيَّةِ: الْمُتَوَاطِئُ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَاهِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةَ، لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ: فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ وَاجِبُ الْوُقُوعِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مُمْتَنِعُ الْوُقُوعِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ جَائِزُ الْوُقُوعِ.
احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ: بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ مُتَنَاهِيَةٌ، وَالْمَعَانِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَالْمُتَنَاهِي إِذَا وُزِّعَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَنَاهِي لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ، وَلَا رَيْبَ فِي عَدَمِ تَنَاهِي الْمَعَانِي؛ لِأَنَّ الْأَعْدَادَ مِنْهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ بِلَا خِلَافٍ.
وَاحْتَجُّوا ثَانِيًا: بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ -كَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءِ- ثَابِتَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وقد ثبت أن

* ما بين قوسين ساقط من "أ".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست