responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 373
وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ مُتَعَلِّقَةً بِالْأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأُولَى مُضْمَرًا فِي الثَّانِيَةِ كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، إِلَّا الطِّوَالَ، أَوِ اسْمُ الْأُولَى مُضْمَرًا فِي الثَّانِيَةِ، كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ رَبِيعَةَ وَاخْلَعْ عَلَيْهِمْ، إِلَّا الطِّوَالَ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى الْجُمْلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَا "تَسْتَقِلُّ إِلَّا"* مَعَ الْأُولَى، فَوَجَبَ رُجُوعُ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَيْهِمَا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْجُمْلَتَانِ نَوْعَيْنِ مِنَ الْكَلَامِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَهُوَ كَقَوْلِنَا: أَكْرِمْ رَبِيعَةَ، وَالْعُلَمَاءُ هُمُ الْمُتَكَلِّمُونَ، إِلَّا أَهْلَ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى مَا يَلِيهِ، لِاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَتَيْنِ بِنَفْسِهَا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات} الْآيَةَ[1]، فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَأَنْوَاعُ الْكَلَامِ مُخْتَلِفَةٌ، فَالْجُمْلَةُ الْأُولَى أَمْرٌ، وَالثَّانِيَةُ نَهْيٌ، وَالثَّالِثَةُ خَبَرٌ، فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا يَرْجِعُ إِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَتَيْنِ بِنَفْسِهَا، "وَالْإِنْصَافُ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ"** حَقٌّ، لَكِنَّا إِذَا أَرَدْنَا الْمُنَاظَرَةَ اخْتَرْنَا التَّوَقُّفَ، لَا بِمَعْنَى "دَعْوَى"*** الِاشْتِرَاكِ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُ فِي اللُّغَةِ مَاذَا، وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي. انْتَهَى.
قَالَ ابن فارس في كتاب "فقه الْعَرَبِيَّةِ": إِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَوْدِهِ إِلَى الْجَمِيعِ عَادَ كَآيَةِ الْمُحَارِبَةِ[2]، وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ امْتَنَعَ كَآيَةِ الْقَذْفِ[3]، انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ كَانَ الْمُعْتَمَدُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ حَيْثُ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.
وَاسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ الْجُمَلَ إِذَا تَعَاطَفَتْ صَارَتْ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، قَالُوا بِدَلِيلِ الشَّرْطِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ، بِالْمَشِيئَةِ، فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى مَا تَقَدَّمَ إِجْمَاعًا.
وأجيب: بأن ذلك مسلم في المفردات، وأما في الجمل فممنوع.

* في "أ": لا تستقل كلامًا إلا.
** ما بين قوسين ساقط من "أ": ومكانه: تكرار لقوله: وأما إذا كانت القصة واحدة.
*** ما بين قوسين ساقط من "أ".

[1] وتمامها {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} النور "4-5".
[2] وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} "33" من سورة المائدة.
[3] أي الآيتين "4-5" من سورة النور. انظر الحاشية "1".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست