responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 370
وَقَدِ اسْتَدَلَّتِ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: ثَنَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا صَرَفْتَهُ عَنْ وَجْهِهِ: فَإِذَا قُلْتَ: لَا عَالِمَ إِلَّا زَيْدٌ فههنا أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا:
هَذَا الْحُكْمُ.
وَالثَّانِي:
نَفْسُ الْعِلْمِ.
فَقَوْلُكَ: إِلَّا زَيْدٌ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُ الثُّبُوتِ؛ إِذِ الِاسْتِثْنَاءُ إِنَّمَا يُزِيلُ الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ، فَيَبْقَى الْمُسْتَثْنَى مَسْكُوتًا عَنْهُ غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ تَحَقُّقُ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْعَدَمِ يُحْصِلُ الْوُجُودَ لَا مَحَالَةَ؛ لِكَوْنِ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْلَى؛ إِذِ الْأَلْفَاظُ وُضِعَتْ دَالَّةً عَلَى الْأَحْكَامِ الذِّهْنِيَّةِ لَا عَلَى الْأَعْيَانِ الْخَارِجِيَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْلَى.
وَحَكَى عَنْهُمُ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ" أَنَّهُمُ احتجوا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي" [1] و"لا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ" [2] وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ تَحَقُّقُ النِّكَاحِ عِنْدَ حُضُورِ الْوَلِيِّ، وَلَا تَحَقُّقُ الصَّلَاةِ عِنْدَ حُضُورِ الْوُضُوءِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صحتها عِنْدَ عَدَمِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ.
هَكَذَا حَكَى عَنْهُمُ فِي "الْمَحْصُولِ" وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ.
وَيُجَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: بِمَنْعِ مَا قَالُوهُ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ الْإِثْبَاتُ مِنَ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، لَكَانَ مُسْتَفَادًا مِنَ الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ.
وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّهُ إِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِيمَا يُفِيدُ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ فَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ تَمَامِ مَا اشْتَرَطَ الشَّرْعُ فِي النِّكَاحِ وَالصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِيمَا يُفِيدُ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، فَدُخُولُ الْبَاءِ فِي الْمُسْتَثْنَى قَدْ أَفَادَ مَعْنَى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي مَعَ عَدَمِهَا، فَإِنَّ دُخُولَهَا لَيْسَ بِمُخْرِجٍ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ لَا نِكَاحَ إِلَّا الْوَلِيُّ، وَلَا صَلَاةَ إِلَّا الطَّهُورُ، بَلْ قُلْنَا: "إِلَّا بِوَلِيٍّ" و"إلا بِطَهُورٍ" فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُتَعَلِّقٍ هُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَا نِكَاحَ يَثْبُتُ بوجه إلا

[1] أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم "4076" والبيهقي في سننه في كتاب النكاح، لا نكاح إلا بشاهدين عدلين "7/ 125" وابن عدي في الكامل "6/ 358".
وورد أيضًا من حديث عدة من الصحابة منهم ابن عباس أخرجه ابن ماجه من طريقه من كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي "1880"، والدارقطني 3/ 221. والإمام أحمد في مسنده 1/ 250. وابن حبان أيضًا من حديث أبي موسى الأشعري برقم "4077".
[2] أخرجه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ $"لا تقبل صلاة بغير طهور"، كتاب الطهارة باب وجوب الطهارة للصلاة "224". والترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور "1". وابن ماجه "8". وابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور "271". وابن الجارود في المنتقي "65".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست