responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 35
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
إِنَّ التَّكْلِيفَ بِالْفِعْلِ -وَالْمُرَادُ بِهِ: أَثَرُ الْقُدْرَةِ الَّذِي هُوَ الْأَكْوَانُ، لَا التَّأْثِيرُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَعْرَاضِ النِّسْبِيَّةِ- ثَابِتٌ قَبْلَ حدوثه اتقافًا، وَيَنْقَطِعُ بَعْدَهُ اتِّفَاقًا، وَلَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَ فِي الطَّرَفَيْنِ، فَهُوَ بَيِّنُ السُّقُوطِ، وَمَا قَالُوهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ انْعَدَمَ الطَّلَبُ الْقَائِمُ بِذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَصِفَاتُهُ أَبَدِيَّةٌ، فَهُوَ مَرْدُودٌ، بِأَنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ، وَالتَّعَدُّدُ فِي العوارض الحادثة من التعليق كَكَوْنِهِ أَمْرًا، أَوْ نَهْيًا، وَانْتِفَاؤُهُمَا لَا يُوجِبُ انتفاءه.

مَسْبُوقًا لِلْإِيمَانِ، وَالْكَافِرُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُسْلِمَ، وَيَفْعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، كَالْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ، فَإِنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالصَّلَاةِ، مَعَ تَلَبُّسِهِمَا بِمَانِعٍ عَنْهَا، يَجِبُ عَلَيْهِمَا إِزَالَتُهُ لِتَصِحَّ مِنْهُمَا، وَالِامْتِنَاعُ الْوَصْفِيُّ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ الذَّاتِيَّ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا: بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّكْلِيفُ لِلْكُفَّارِ، لَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ.
وَأُجِيبَ: بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُقُوعِ التَّكْلِيفِ وَصِحَّتِهِ رَبْطٌ عَقْلِيٌّ، لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْقَضَاءَ لَا يَجِبُ إِلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ[1].
وَأَيْضًا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [2] ودليل عَلَى "عَدَمِ"* وُجُوبِ الْقَضَاءِ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالتَّفْصِيلِ: بأن النهي هي تَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْ فِعْلِهِ، وَهُوَ مُمْكِنٌ مَعَ الْكُفْرِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ مِنَ التَّرْكِ كَالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يُثَابُ الْعَبْدُ عَلَيْهَا، وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَأَيْضًا: الْمُكَلَّفُ بِهِ في النهي هو الكف، وهو فعل[3].

* ساقطة من "أ".

[1] قال السادة الأحناف: إن الأداء والقضاء يجبان بسبب واحد، وهو الأمر الذي وجب به الأداء عند الجمهور، ولكن قال العراقيون منهم: يجب القضاء بنص مقصود غير الأمر الذي وجب به الأداء، ففي الصوم مثلًا: وجب القضاء بقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} . ا. هـ خلاصة الأفكار شرح مختصر المنار. "50". التلويح على التوضيح "1/ 214".
[2] جزء من آية في سورة الأنفال رقمها "38".
[3] وخلاصة القول في سورة السادة الأحناف: أن الكفار مخاطبون بالإيمان، والعقوبات، والمعاملات، وبالعبادات في حق المؤاخذة في الآخرة، لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} وأما في حق وجوب الأداء في الدنيا: فمختلف فيه، فعند العراقيين: يخاطبون بجميع أوامر الله ونواهيه من حيث الاعتقاد والأداء في حق المؤاخذة في الآخرة، وقال مشايخ ما وراء النهر: إنهم مخاطبون فيما لا يحتمل السقوط كالإيمان. ا. هـ. التلويح على التوضيح "1/ 213" خلاصة الأفكار "6".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست